للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(قال الشافعي:) فتبين انكساره)) (١)

أي لعمري! يتبين انكساره، وانكسار عامة الأصوليين، بل والمحققين منهم، الذين ردحوا أن (العدد الكثير) في (المتواتر) لا يحد بعدد معين، وردوا على كل من اشترط عدداً معيناً! فهذا الإمام الشافعي يرد عليهم أيضاً، فيتبين انكاسرهم!!

وهذا ذكرني بعبارةٍ لأحد أئمة الحديث وأئمة الشافعية أيضاً، هو أبو بكر محمد بن موسى الحازمي (ت ٥٨٤هـ) ، حيث قال في كتابه (شروط الأئمة الخمسة) : ((وإثبات التواتر في الأحاديث عسر جداً، سيما على مذهب من لم يعتبر العدد في تحديده)) (٢) .

وأما قول الإمام الشافعي لخصمه: ((أو تعرفه فلا تظهره، لما يدخل عليك)) ، ففيه إيماء إلى أن (المتواتر) الذي يفيد العلم بتلك الشروط، لا ما رواه أربعة، ولا أربعون! بل ما رواه جيل عن جيل، هذا هو الذي يفيد العلم باستحالة وقوع الكذب ولغلط من نقلته! وهذا هو (خبر العامة عن العامة) الذي زعم قائل (المتواتر) أنه سواه!!

ولما كان (المتواتر) بتلك الصورة لا وجود له في الأحاديث النبوية، سكت ذلك الخصم عن إظهار ما يخفيه، لأن مآل مقالته حينها: أنه لا يحتج بشيءٍ من الأحاديث النبوية، لأنه ليس فيها شيء يفيد العلم بزعمه وعلى شروطه!!!

وهكذا يرد الإمام الشافعي على القائل بـ (المتواتر) شروطه التي وضعها له، قائلاً له: إنها بين شرطٍ لا فائدة في اشتراطه،


(١) جماع العلم (رقم ٣٢٦ - ٣٣١) .
(٢) شروط الأئمة الخمسة للحازمي (ص ٥٠) .

<<  <   >  >>