للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثانياً: ينص الحافظ أيضاً أن (المتواتر) لا علاقة له بالأسانيد ولا بأحوال الرجال، وهو كذلك عند الأصوليين أيضاً ز فهل يصح بعد ذلك تفسيره لسبب قول ابن الصلاح بعزة (المتواتر) ولقول ابن حبان وغيره بعدم وجوده، بأنه ناشئ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم؟ ‍‍

لقد قرر الحافظ فيما سبق أنه لا علاقة لـ (المتواتر) بالطرق وأحوال رواتها، بل قرر قبل ذلك أن ((العلم بالتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر، كالعامي)) (١) ،

فكيف يكون قول أولئك الأئمة ممن نفى وجود (المتواتر) ناشئاً عن قلة الاطلاع على الطرق وأحوال الرواة؟ ‍‍سلمنا أنهم كذلك ‍فهل ينزلون عن درجة (العامي) ؟ ‍‍‍

ولذلك تعقب الحافظ ابن حجر أحد تلامذته، وهو قاسم بن قطلوبغا (ت٧٨٩هـ) في حاشيته على (نخبة الفكر) ، المسماة (القول المبتكر على شرح نخبة الفكر) ، فقال: ((تقدم أن (التواتر) ليس من مباحث علم الإسناد، وأنه لا يبحث عن رجاله؛ وحينئذٍ فلو سلم قلة اطلاع من ذكرهم المصنف على أحوال الرجال وصفاتهم لم يوجب ما ذكره)) (٢) .

ثم لم اطلع السخاوي (محمد بن عبد الرحمن بن محمد القاهري الشافعي، المتوفى سنة ٩٠٢هـ)) على هذا الانتقاد لكلام شيخه الحافظ ابن حجر، أجاب بجواب ضعيف، يعود بالنقض على شيخه أيضاً، وعلى عامة الأئمة قبله كذلك‍‍‍

قال السخاوي في (فتح المغيث) : ((وقد توقف بعض


(١) نزهة النظر (ص ٥٩) .
(٢) ححاشية ابن قطلوبغا (ص ٢٥) ، وااليواقيت والدرر للمناوي (١/١٤٥) .

<<  <   >  >>