للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحاديث إلى (متواتر) و (آحاد) ، لبيان أثر اصول الفقه على علوم الحديث، ولإظهار كيف تدرج هذا التأثير، حتى طغى على كلام أهل الفن (المحدثين) ، فردت أقوال، وتؤولت أخرى، ونزل كلام على غير مراد قائله؛ حتى انطمست ـ أو كادت ـ معالم الحق والصواب ‍‍‍

لكن بعد تقرير التقسيم الآنف الذكر ـ وهو التقسيم الذي رضيه المحدثون ـ تبين أن كل الأحاديث المسندة (أخبار آحاد) . و (خبر الواحد) العدل عند الأصوليين لا يفيد ـ بذاته ـ إلا الظن، فهل هذا الحكم لـ (خبر الواحد) هو نفسه حكم المحدثين عليه أيضاً؟

لذلك كان واجباً علي بيان حكم (خبر الواحد) العدل عند المحدثين.

فأقول: أولاً: لست أريد استيعاب كل ما يتعلق بهذه المسألة، فهذا أمر عظيم، لكنه ليس بحثي. لذلك فسأتجوز في هذه المسألة ما استطعت ذلك.

وثانياً: أنه مع أن الأحاديث النبوية عند أهل الحديث قسم واحد، فكلها (خبر آحاد) ، كما سبق تقريره = إلا أن المحدثين أعرف الناس بتفاوت مراتبها في الصحة، وأدراهم باختلاف درجاتها في القوة، وألحظهم لدقيق فروق ثبوتها. ولهم في ذلك صولات وجولات، لها في علمهم ساحات مباركات، لا تخفى على من نخاطبه ويدري الخطاب ‍

لكن عدم اعتبار المحدثين لهذا التفاوت ولتلك الفروق في درجات الصحة والقوة مسوغاً لتقسيم الأحاديث على أساسه، يدل دلالةً واضحةً على أن تلك الفروق في درجات الثبوت لم تبلغ درجة التأثير على حجية الأخبار، فجميعها يشملها حكم واحد

<<  <   >  >>