للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بدر الدين الزركشي (محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي، المتوفى سنة ٧٩٤هـ) في كتابه (البحر المحيط في أصول الفقه) : ((لم يتعرضوا لضابط القرائن، وقال المازري: لا يمكن أن يشار إليها بعبارة تضبطها. قلت (القائل الزركشي) : ويمكن أن يقال: هي ما لا يبقى معها احتمال، وتسكن النفس عنده، مثل مكونها إلى الخبر المتواتر أو قريباً منه)) (١) .

قلت: وكل هذا يرضاه المحدثون من الأصوليين ‍

فإن صحح المحدثون حديثاً، مما تفرد بروايته راوٍ واحد، وهم (أعني المحدثين) أهل هذه الصنعة، وأعرف الناس بقواعدها وجزئياتها، وأخبرهم بأصولها وفروعها؛ ثم تصحيحهم ذلك الحديث معناه أنه انتفت عنه كل: العلل الظاهرة (من طعن في الرواة أو سقط في الإسناد) والعلل الباطنة (من شذوذ وتفرد من لا يحتمل التفرد بمثل ما تفرد به) ، وقف عند العلل الباطنة، وقلب وجوهها ومعانيها عند المحدثين؛ لتعلم بعد ذلك كله، أنه إذا صحح المحدثون حديثاً (غريباً) (فرداً) = أنه أفاد العلم عندهم، لأنه استحال عندهم بعد النظر والاستدلال احتمال الكذب والغلط، ولاحت قرائن تفيد اليقين بذلك ‍‍

ولا يعترض على المحدثين: بأن الأصوليين أو الفقهاء (غير المحدثين) لا يستفيدون (العلم) من ذلك الخبر، لأن عدم استفادتهم منه (العلم) لا ينفي أن غيرهم ممن الشأن شأنهم والفن فنهم والعلم علمهم = قد استفاد منه العلم ‍‍

ولئن كان (المتواتر) منه ما هو عام يعرفه العامة، ومنه ما


(١) البحر المحيط للزركشي (٤/٢٦٦) .

<<  <   >  >>