للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كان لمثله أن نعرفه بها. لكنه تاب (رحمه الله) ، ومن تاب تاب الله عليه ‍‍‍

وأما قوله: ((إن خبر الواحد العدل يوجب العلم)) نقلاً عن المحدثين، فليس هذا قولهم مطلقاً، ومن هنا أتي ودخل عليه الداخل

فالمحدثون يستفيدون (العلم) مما صح عندهم من (خبر الواحد العدل) ، كما تقدم. والصحيح عندهم: ما اجتمع فيه أمران: الأول: غلبة الظن بصدق الخبر، بثقة الناقلين واتصال السند بالخبر؛ والثاني: قرائن مفيدة العلم، وهي انتفاء الشذوذ وجميع العلل الخفية القادحة. وقد سبق ذكر ذلك، وأنه أحد خصائص من فقه في علمهم، ووفقه الله تعالى للتقوى والعمل.

وقد سبق عن محققي الأصوليين، ومنهم إمام الحرمين: أن خبر الواحد يمكن أن يفيد العلم بالقرائن الشاهدة على صدقه (١)

فماذا ينكر إمام الحرمين من استفادة المحدثين للعلم من خبر الواحد المحتف بما يقوية؟ ‍‍‍

وعدم استفادة الأصوليين وغير المحدثين للعلم من قرائن استفاد المحدثون منها العلم، ليس دليلاً على عدم استفادة العلم من تلك القرائن مطلقاً. بل ليس أمراً مستنكراً ولا مستغرباً، بل هو المعروف المألوف، أن كل مختص بفن أعرف من غيره به، فـ (صاحب البيت أدرى بما فيه.. فلام النزاع؟ ‍

وقد قرر الأصوليون ذلك (٢)


(١) انظر البرهان للجويني (رقم ٤٠٥، ٥٠٧) ، وانظر ما سبق (ص ١٣٣) .
(٢) انظر روضة الناظر لابن قدامة ـ وحاشية تحقيقه ـ (١/٣٥٣- ٣٥٥) ، وشرح الكوكب المنير لابن النجار ـ وحاشية تحقيقه (٢/٣٣٥-٣٣٦) ، وشرح مختصر الروضة للطوفي (٢/٨٣-٨٤) وتيسير التحرير لأمير بادشاه (٣/٣٥) .

<<  <   >  >>