للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الآمدي في (الإحكام في أصول الأحكام) : ((وبتقدير اتحاد الواقعة وقرائنها، لا يلزم من حصول العلم بذلك العدد لبعض الأشخاص حصوله لشخص آخر، لتفاوتهم في قوة الإدراك والفهم للقرائن. إذ التفاوت فيما بين الناس في ذلك ظاهر جداً: حتى إن منهم من له قوة فهم أدق المعاني واغمضها في أدنى دقيقة من غير كذ ولا تعب، ومنهم من انتهى في البلادة إلى حد لا يدرك له على فهم أظهر ما يكون من المعاني مع اجد والاجتهاد في ذلك، ومنهم من حاله متوسطة بين الدرجتين؛ وهذا أمر واضح لا مراء فيه)) (١) .

ولعمري! إن مثل المحدثين وأهل الكلام مثل الأول والثاني في مقالة الآمدي المتقدمة!!!

وقد كان المحدثون وأئمة النقد منهم دائمي التصريح بأن خفايا علمهم ودقائق فنهم لا تبلغها كثير من الأفهام، ولا تعقلها غالب العقول.

يقول عبد الرحمن بن مهدي (ت ١٩٨هـ) : ((معرفة الحديث إلهام)) (٢) .

ويقول أيضاً: ((إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة)) (٣) .

ويقول أبو داود في (رسالته إلى أهل مكة) : ((وربما أتوقف عن مثل هذه ـ يعني إبراز العلل ـ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب


(١) الإحكام للىمدي (٢/٤٢) .
(٢) علل الحديث لابن أبي حاتم (١/٩) ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم (١١٣) .
(٣) علل الحديث لابن أبي حاتم (١/٩) .

<<  <   >  >>