للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا)) (١) .

ثم قال ابن مندة (أبو عبد الله محمد بن يحيى بن إبراهيم الأصبهاني الحافظ، المتوفى سنة ٣٠١هـ) : ((إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفراً يسيراً من كثيرٍ ممن يدعي علم الحديث، فأما سائر الناس: من يدعي كثرة كتابة الحديث، أو متفقه في علم الشافعي وأبي حنيفة ن أو متبع لكلام الحارث المحاسبي والجنيد وأهل الخواطر = فليس لهم أن يتكلموا في شيء من علم الحدث، إلا من أخذه عن أهله وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته)) (٢) .

فالذي يظهر بعد كل هذا: أن محل النزاع لم يحرر بين الأصوليين والمحدثين! فالأصوليون فهموا أن المحدثين يقولون بإفادة خبر الواحد العدل العلم مطلقاً، ولا يقول ذل المحدثون؛ لكنهم يقولون: إن كل خبر صح عندنا فهو مفيد للعلم، والصحيح عندهم: خبر الواحد العدل المحتف بما يقويه من القرائن. لكن لجهل كثير من الأصوليين بعلم الحديث، ولعدم معرفة غالبهم بدقائق فنه، ظنوا أن المحدثين يكتفون بظاهر الإسناد، دون التدقيق في باطن علله،

ودون نقد المتون (٣) ! وهذا من خصائص علمهم التي لا يعلمها إلا العالمون!!

وليس أدل على نفي ما نسبه الأصوليون للمحدثين، من القول بإفادة خبر الواحد العدل العلم مطلقاً: من تغليط المحدثين


(١) رسالة أبي داود إلى أهل مكة (٣١ـ ٣٢) .
(٢) شرح العلل لابن رجب (١/٣٣٩- ٣٤٠) .
(٣) انظر كتاب (مقاييس نقد متون السنة) للدكتور مسفر غرم الله الدميني، وكتاب (اهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً) للدكتور محمد لقمان السلفي.

<<  <   >  >>