رضي الله عنه، في كتابه (بيان مشكل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فقال:((فقال قائل: فما وجه هذا الذي رويتموه عن عمر، وهو إمام راشد مهدي؟ ! وأنتم تعلمون أنه لا يقف الناس على ماكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا بما يحدثهم به أصحابه عنه، وفيما كان من عمر ما يقطعهم عن ذلك مما كان منه!!
(قال الطحاوي:) فكان جوابنا له في ذلك: أن عمر كان مذهبه حياطة ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الذين رووه عدولاً. إذ كان على الأئمة تأمل ما يشهد به عندهم ممن قد ثبت عدله عندهم، فكان عمر فيما كان يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يحفظه عنه كذلك أيضاً (١) . وكذلك فعل بأبي موسى مع عدله عنده فيما حدث به عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مما لم يكحن عنده في الارستئذان مما ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا. وقد وقف على ذلك منه أبي بن كعب ومن سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين وقفوا على ذلك منه ولم ينكروه عليه، ولم يخالفوه فيه، فدل ذلك على موافقتهم إياه عليه.
ولما كان ذلك كذلك: فعل في أمور الذين كان منه في حبسهم ـ مما كان فعله في ذلك ـ لهذا المعنى، لا لأن يقطعهم عن التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ما قد سمعوه منه. وكذلك كان أبو بكر رضي الله عنه قبله في مثل هذا ...
(إلى أن قال:) وقد يحتمل أن يكون ما كان من الذين حبسهم ـ فيما كان حبسهم فيه ـ لتجاوز ما كان ينبغي أن يكون من أمثالهم، حتى خاف أن يقطعوا الناس بذلك، ويشغلوهم به
(١) وهذا من (نقد المتون) ، الذي ينكره أعداء السنة على علماء السنة أنهم لم يقوموا به.. هذا عمر قد سبق إليه!! وانظر ما يأتي في (ص ١٤٣) وحاشيتها.