للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي أن هذا الضعف قد بدأ من أواخر القرن الثالث، ولم يزل في زيادة أوائل القرن الرابع، فما بعده.

ويصف لنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبي (ت ٣٨٧هـ) تزايد النقص في طلب العلم وصفاً معبراً، حيث يقول: ((كنا نحضر في مجلس أبي بكر النيسابوري (عبد الله بن محمد بن زياد: ت ٣٢٤هـ) لنسمع منه (الزيادات) (١) ، وكان يحزر أن في المجلس ثلاثين ألف محبرة. ومضى على هذا مدة

يسرة، ثم حضرنا مجلسأبي بكر النجاد (أحمد بن سلمان بن الحسن الحنبلي: ت ٣٤٨هـ) ، وكان يحزر أن في مجلسه عشرة آلاف محبرة. فتعجب الناس من ذلك، وقالوا: في هذه المدة ذهب ثلثا الناس؟ ‍‍)) (٢)

وهذا الضعف الناشىء في هذا القرن، هو الذي جعل بعض أئمة هذا القرن يسارعون إلى تصنيف كتب جامعةٍ مفردةٍ في علوم الحديث ومصطلحه.

وأجل ما كتب في علوم الحديث خلال هذا القرن: كتاب (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) للرامهرمزي (ت ٣٦٠هـ) و (معرفة علوم الحديث) للحكم (ت ٤٠٥هـ) .

وكتب غير هذين الإمامين في هذا القرن في علوم الحديث أيضاً، لكنها كتابات غير مقصودة ٍ من كاتبيها بالأصالة، وإنما هي مقدمات لبعض كتبهم، كما سيأ تي بيانه إن شاء الله تعالى (٣) .


(١) هو زيادات على كتاب الزني في االفقه الشافعي: انظر طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي (١١٣) ، ومشيخة أبي عبد الله الرازي (١٥٨) .
(٢) المنتظم لابن الجوزي (٦/ ٢٨٧) .
(٣) انظر ما يأتي (ص ١٨٤ ـ ١٨٥) .

<<  <   >  >>