وهذا أمر واضح، لا يشكك فيه عارف بالأصول. وليس أدل على ذلك من أن كثيراً من كتب الأصول، غالباً ما تقدم بعلم المنطق (صرفاً) ، لتيسير الاستفادة من أصول الفقه بعده!
ومن هنا لم ينج من التأثير بالمنطق كبير أحدٍ، كما قلنا آنفاً. لأن أصول الفقه واجب لا يتم واجب العلم بالشرع إلا بتعلمه، ولذلك لم يرض عامة العلماء (أو قل: كافتهم) عدم التحلي به والانتساب إليه: (الأصولي ٩؛ وهذا العلم هو في الحقيقة تطبيق عملي لعلم المنطق، فالمنطق هو الأصل، وأصول الفقه هي الفرع!
ولا يظنن أني أعادي علم المنطق، لأنه علم المنطق. لكني سوف أبين قريباً ـ إن شاء الله تعالى ـ الأثر غير المرضي له، على بعض العلوم الإسلامية، خاصة علم الحديث ومصطلحه.
وبذلك كان لأصول الفقه أثرها على علوم الحديث ومصطلحه، من خلال نافذتين للتأثير:
الأولى (وهي مباشرة) : من خلال دراسة كتب أصول الفقه للسنة وعلومها، بمنهجها الكلامي. وقد بينا سابقاً القدر الذي يجب عليه الاستفادة من هذه الدراسة لعلوم السنة، وأشرنا إلى التفريط الواقع في هذا الصدد.
الثانية (وهي غير مباشرة) ك من خلال المنهج الذي بثته في الأوساط العلمية، وأثر المنطق اليوناني الذي شبعت به أساليب التفكير والتأليف لدى العلماء.