للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطيب أول من ذكر هذا التقسيم في علوم الحديث، إلا أنه أضاف إلى اتباعه الخطيب في ذلك أشياء:

أولاً: قال: ((وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص)) ، مما يشعر بأن لفظ (المتواتر) هو الذي لم يذكره أهل الحديث، وإن كان اعتبار معنى هذا اللفظ، بتقسيم الأخبار على أساسه، معروفاً عند المحدثين؛ هذا مفهوم عبارة ابن الصلاح.

وعلى هذا المفهوم جاء دفاع العراقي عن كلام ابن الصلاح، حيث قال ـ كما تقدم ـ: ((والجواب عن المصنف: أنه إنما نفى عن أهل الحديث ذكره باسمه المشعر بمعناه الخاص)) .

وهذا من ابن الصلاح والعراقي زيادة في تعميق أثر أصول الفقه على علوم الحديث، في هذه المسألة.

وثانياً: اضطراب عبارة ابن الصلاح في التعبير عن وجود مثالٍ لـ (المتواتر) بشروطه عند الأصوليين، مما يدل على احترامه البالغ لذلك التقسيم، وعدم احتمال رفضه عنده، وإن خرج عن علوم الحديث وصناعة المحدثين!

فانظر إليه وهو يقول ـ معبراً عن سبب عدم ذكر المحدثين لـ (المتواتر) ـ: ((ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم، ولا يكاد يوجد في رواياتهم)) ، ثم يقول بعد ذكر شروط (المتواتر) : ((ومن سئل عن إبراز مثالٍ لذلك فيما يروى من الحديث أعياه تطلبه)) ، ثم يقول أخيراً: ((نعم، حديث: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) نراه مثالاً لذلك)) (١)


(١) علوم الحديث لابن الصلاح (٢٦٧ - ٢٦٩) .

<<  <   >  >>