للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستعملونها، وهم يعلمون أنه لا يجوز لأحدٍ منهم أن يحلف على أصحها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ألبته، وعلى أضعفها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله ألبته (١) . ولكنهم كانوا لا يألون الجهد في اختيار الأحفظ منها، والأمثل فالأمثل من رواتها في أنفسهم. ويرون أن الأيمان التي ألزمتهم فيها بطلاق نسائهم مرفوعة عنهم؛ حتى ابتدعتها أنت، من غير أن يسبقك إليها مسلم أو كافر.

ففي دعواك يجب على القضاة والحكام أن لا يحكموا بشهادة العدول منهم، إلا بشيءٍ يمكن القاضي أن يحلف عليه بطلاق امرأته أن الشاهد به قد صدق، أو أنه إن حلف عليها بطلاق امرأته أنه كذب لم تطلق امرأته ‍

ويحك‍من سبقك إلى هذا التأويل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، في اتباع الروايات واختيار ما يجب منها؟ ‍إنما يجب على القاضي أن يفحص عن اشهود ويحتاط: فمن عدل منهم حكم بشهادته، وإن كان كاذباً في شهادته في علم الله بعد، ما لم يطلع القاضي منه على ذلك. وترد شهادة المجروح، وإن كان صادقاً في شهادته في علم الله بعد، ما لم يطلع القاضي على صدقه.

وكذلك المذهب في استعمال هذه الآثار وقبولها من رواتها، لا ما تأولت فيها، من هذه السخرية بنفسك والضحك (٢) ‍)) (٣)


(١) عدم جواز الحلف بذلك، لا لعدم الجزم بصدق أصحها أو بكذب اضعفها، ولكن لأن التكليف بهذا اليمين بدعة لم يأمر بها الشرع، ولا عمل بها الصحابة، ولا تابعوهم، ولا أحد أئمة الدين ‍كما صرح بذلك الدارمي فيما يأتي من كلامه.
(٢) ليس منى هذا الكلام للدرامي، أنه يرى بأن (خبر الواحد يوجب العمل، مع إفادته الظن. كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى (ص ١٥٦ ـ ١٥٧) .
(٣) رد الدارمي على بشر المريسي (ص ١٣٨ - ١٣٩) .

<<  <   >  >>