للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس فقط من الأئمة الكبار، بل حتى مع ثقات النقلة وعدول الرواة، لما عرفناه (بالنقل المتواتر أيضاً) من شدة الأئمة في توثيقهم، وبالغ تحريمهم في تعديلهم، واحتياطهم في احتياطهم لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في كل ذلك!!

ثم بين لي الفرق في درجة اليقين بين: رواية عشرة من التابعين من بلدان مختلفة لحديث واحد، ورواية فقهاء المدينة السبعة لحديث واحدٍ أيضاً؟!

فإذا رجعنا إلى أن استحالة التواطؤ على الكذب راجعة إلى مافي كل واحدٍ من الرواة من الصفات الداعية إلى قبول خبره، رجعنا ـ إذن إلى أن المعتبر هو وجود هذه الصفات، دون ما سواها من الشروط التي لا معنى لا شتراطها، لأنه لا علاقة لها بإفادة تلك الاستحالة.

فإن قال صاحب تلك الشروط: أنا لا أشترط العدالة أصلاً في رواة (المتواتر) .

قلنا: ذلك أدعى إلى أن لا يفيد خبرهم العلم عندك! لأنه إذا كان الخبر ـ عندك ـ لا يفيد العلم إلا باستحالة التواطؤ على الكذب ببعد البلدان، وبينا لك أن بعد البلدان ليس هو بالذي يدل على تلك الاستحالة في رواية الثقات العدول؛ فمن (باب أولى) أن لا يدل بعد البلدان على تلك الاستحالة في رواية غير العدول!!

فإن قال: إنما ذكرت (بعد البلدان) مثلاً لما يدل على استحالة التواطؤ على الكذب، وإلا فمرادي تحقق هذه الاستحالة، كيفما تحققت.

قلت: فبينا لك بطلان ذلك المثل، فهات غيره؟!

<<  <   >  >>