للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن جريج قوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} ، قال: أراد يوسف العذر قبل أن يخرج من السجن. قال ابن جرير: عن ابن إسحاق: فلما جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه، جمع النسوة و {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ} ؟ ويعني بقوله: {مَا خَطْبُكُنَّ} ما كان أمركنّ وما كان شأنكنّ {إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ} ؟ فأجبنه فقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالتِ امرأة العزيز الآن حصحص الحق. تقول: الآن تبيّن الحق وانكشف فظهر {أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ} .

{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} .

قال ابن كثير: تقول: إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع، فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة، {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} تقول المرأة: ولست أبّرئ نفسي، فإن النفس تتحدّث، وتتمنّى ولهذا راودته لأن النفس أمارة بالسوء {إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي} ، أي: إلا من عصمه الله تعالى، {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام. انتهى.

قوله عز وجل: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (٥٤) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥) وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (٥٧) } .

قال ابن إسحاق: {وَقَالَ الْمَلِكُ} ، يعني: ملك مصر الأكبر، حين تبيّن عذر يوسف، وعرف أمانته وعلمه، قال لأصحابه: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} ، يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>