عن قتادة: قوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} هو كقوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} . وقال ابن زيد في قوله:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} تأتي بشيء وتنقضه فتأتي بغيره، قال: وهذا التبديل ناسخ، ولا تبدّل آية مكان آية إلا بنسخ.
وقوله تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} . قال محمد بن كعب القرظي:{رُوحُ الْقُدُسِ} جبرائيل. وقال ابن إسحاق: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - كثيرًا ما يجلس عند المروة إلى غلام نصراني، يقال له: جبر، عبد لبعض بني الحضرمي، فأنزل الله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} .
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره، وتغافل عما أنزله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن له قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الإيمان بآياته، وما أرسل به
رسله في الدنيا {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} موجع في الآخرة، ثم أخبر تعالى أن رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليس بمفترٍ ولا كذاب، لأنه إنما يفتري الكذب على الله وعلى رسوله شرار الخلق، الذين لا يؤمنون بآيات الله من الكفرة والملحدين، المعروفين بالكذب عند الناس، والرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - كان أصدق الناس، وأبرّهم، وأكملهم علمًا وعملاً وإيمانًا