عن مجاهد:{خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، قال: بجدّ. وقال ابن زيد: القوة أن يحمل ما أمره الله به، ويجانب فيه ما نهاه الله. قال ابن جبير وقوله: ... {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} ، يقول تعالى ذكره: وأعطيناه الفهم بكتاب الله في حال صباه قبل بلوغه أسنان الرجال.
وقوله:{وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا} ، يقول تعالى ذكره: ورحمة منا به ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً. وعن ابن عباس قوله:{وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا} ، يقول: ورحمة من عندنا. وقال الضحاك: رحمة من عندنا لا يملك عطاءها أحد غيرنا. وعن مجاهد قوله:{وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا} ، قال: تعطّفًا من ربه عليه. وعن قتادة قوله:{وَزَكَاةً} ، قال: الزكاة: العمل الصالح. وعن
ابن عباس:{وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً} ، قال: طُهَّرَ فلم يعمل بذنب. وقال ابن عطية: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسه في محشر عظيم؛ قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصّه بالسلام عليه فقال: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً} . وقال الحسن: إن عيسى ويحيى التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي أنت خير مني، فقال له الآخر: استغفر لي أنت خير مني، فقال له عيسى: أنت خير مني، سلّمتُ على نفسي وسلم الله عليك، فعرف والله فضلهما.
قال ابن كثير: وقوله: {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} ، لما ذكر تعالى طاعته لربه، وأنه خلقه ذا رحمة وزكاة، وتقى عطف بذكر طاعته لوالديه وبره بهما، ومجانبته عقوقهما قولاً وفعلاً، أمرًا ونعيًا، ولهذا قال:{وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} ، ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك:{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً} .