عن قتادة في قوله:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ} ، أي: انفردت، {مِنْ أَهْلِهَا} ، قال السدي: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها، وهو قوله:{إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً} في شرقي المحراب، {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} ، قال وهب بن منبه: أرسل الله جبريل إلى مريم، وقال السدي: فلما طهرت من حيضها إذا هي برجل معها قالت: {إِنِّي أَعُوذُ} بالله، {مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً} ، قال ابن زيد: قد عَلِمَتْ أن التُّقَى ذو نهية، ... {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} ، قال جبريل:{كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} وإن لم يكن لك بعل ولا يوجد منك فاحشة، فإنه على ما يشاء قادر، ولهذا قال:{وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} ، أي: علامة على قدرة الله، {وَرَحْمَةً مِّنَّا} للمؤمنين، {وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً} لا يردّ ولا يبدل. وقد
قال تعالى:{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} . قال وهب بن منبه: لما أرسل الله جبريل إلى مريم نفخ في جيب درعها حتى وصلت النفخة إلى الرحم فاشتملت.