قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه: {يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: من الملائكة، والأناسي، والجانّ، والحيوان حتى الجماد، كما قال تعالى:{يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} .
وقوله تعالى:{وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} ، أي: في حال طيرانها تسبّح ربها وتعبده بتسبيح ألهمها وأرشدها إليه، وهو يعلم ما هي فاعلة، ولهذا قال تعالى:{كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} ، أي: كل قد أرشده إلى طريقته
ومسلكه في عبادة الله عز وجل؛ ثم أخبر أنه عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه من ذلك شيء، ولهذا قال:{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} .
ثم أخبر تعالى أن له ملك السماوات والأرض فهو الحاكم المتصرف، الإله المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلاَّ له ولا معقّب لحكمه {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} أي: يوم القيامة. فيحكم فيه بما شاء ليجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فهو الخالق المالك الإله الحكم في الدنيا والآخرة، وله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.