قال ابن كثير: يخبر تعالى عن صفات المنافقين، الذين يُظهرون خلاف ما يبطنون، يقولون قولاً بألسنتهم: آمنا بالله وبالرسول وأطعنا، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} ، أي: يخالفون أقوالهم بأعمالهم، فيقولون ما لا يفعلون، ولهذا قال تعالى:{وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} .
وقوله تعالى:{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ} ، أي: إذا طُلبوا إلى اتباع الهدى فيما أنزل الله على رسوله، أعرضوا عنه واستكبروا في أنفسهم عن اتباعه، كقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ
الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً} . وفي الطبراني عن سمرة مرفوعًا:«من دُعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له» .
وقوله تعالى:{وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} ، أي: وإذا كانت الحكومة لهم لا عليهم جاءوا سامعين مطيعين، وإذا كانت عليهم أعرضوا، ولهذا قال تعالى:{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} . قال قتادة: ذكر لنا أن عبادة بن الصامت وكان عقبيًا بدريًا أحد نقباء الأنصار، أنه لما حضره الموت قال