للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيليّ حين يقول: {أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ} ؟ فأرسل فرعون الذّباحين بقتل موسى فأخذوا الطريق الأعظم وهم لا يخافون أن يفوتهم، وكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقًا قريبًا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره الخبر.

وعن قتادة: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً} من قتله النفس، {يَتَرَقَّبُ} أن يأخذه الطلب. وقال ابن إسحاق: ذكر لي أنه خرج على وجهه، {خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} ما يدري أي وجه يسلك، وهو يقول: ربِّ نجني من القوم الظالمين، فهيّأ الله الطريق إلى مدين، فخرج من مصر بلا زاد ولا حذاء ولا

ظهر ولا درهم. وقال ابن عباس: خرج موسى متوجّهًا نحو مدين، وليس له علم بالطريق، إلا حسن ظنه بربه، فإنه قال: {عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ} .

قوله عز وجل: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) } .

قال سعيد بن جبير: خرج موسى من مصر إلى مدين وبينها وبينها مسيرة ثمان، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، وخرج فما وصل إليها حتى وقع خفّ قدمه.

وقوله تعالى: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} ، قال أبو مالك: تحبسان غنمهما عن الناس حتى يفرغوا ويخلوا لهم البئر.

<<  <  ج: ص:  >  >>