{قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} ؟ قال ابن إسحاق: وجد لهما رحمة ودخلت فيهما خشية لما رأى من ضعفهما، وغلبة الناس على الماء دونهما؟ فقال لهم: ما خطبكما؟ أي: ما شأنكما؟ {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء
} امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} لا يقدر أن يمسّ ذلك من نفسه ولا يسقي ماشيته، ونحن ننتظر الناس حتى إذا فرغوا أسقينا ثم انصرفنا.
وقوله تعالى:{فَسَقَى لَهُمَا} ، قال ابن عباس: فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرًا، حتى كانتا أول الرعاء ريًّا، فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما. قال: وانصرف موسى إلى شجرة فاستظلّ بظلها، {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} ، وما يسأل الله إلا أكلة، وبرد الماء، وإن خضرة البقل لتُرى في بطنه من الهزال.
وعن ابن إسحاق:{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء} قال: واضعة يدها على جبينها. قال السدي: لما رجعت الجاريتان إلى أبيهما سريعًا سألهما فأخبرتاه خبر موسى، فأرسل إليه إحداهما فأتته تمشي على استحياء وهو يُستحى منه، {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} فقام معها فمشت بين يديه فضربتها الريح فنظر إلى عجيزتها، فقال لها موسى: إمشي خلفي ودلّيني على الطريق إن أخطأت، فلما جاء الشيخ ... {وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ، قال ابن عباس يقول: ليس لفرعون ولا قومه علينا سلطان ولسنا في مملكته.