للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ، قال: فأحفظته الغيرة أن قال: وما يدريك ما قوّته وأمانته؟ قالت: أما قوَّته: فما رأيت من حين سقى لنا، لم أر رجلاً قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما أمانته: فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم إني امرأة صوّب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إليّ حتى بلّغته رسالتك، ثم قال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، ولم يفعل ذلك إلا وهو أمين، فَسُرِّيَ عن أبيها وصدّقها وظنّ به الذي قالت.

وقال ابن زيد: {قَالَ} له: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} ، قال: وأيّتهما تريد أن تنكحني؟ قال: التي دعتك، قال: لا ألا وهي بريئة مما دخل نفسك عليها، فقال: هي عندك كذلك فزوّجه.

وقال ابن إسحاق: {قَالَ} موسى: {ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} ، قال: نعم. {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} ،

فزوّجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه. وقوله: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} ، أي: لا ظلم عليّ بأن أطالبَ بأكثر منهما. قال ابن عباس: قضى أكثرهما وأطيبهما، إن رسول الله إذا قال فعل. {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} ، قال ابن عباس: شهيد. وروى ابن ماجة في سننه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن موسى آجر نفسه ثماني سنين، أو عشر سنين على عفّة فرجه، وطعام بطنه» . والله أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>