للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى: ... {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ} ، أي: من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب كما قال تعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} ، والنار وجدها تضطرم في شجرة خضراء في لحف الجبل مما يلي الوادي، فوقف باهتًا في أمرها فناداه ربه، ... {مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي: الذي يخاطبك ويكلّمك هو رب العالمين الفعال لما يشاء، لا إله غيره ولا رب سواه، تعالى وتقدّس وتنزّه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله سبحانه.

وقوله: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} ، أي: التي في يدك، كما قرّره على ذلك في قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ} ، والمعنى: أما هذه عصاك التي تعرفها ألقها، {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} وقال: ها هنا. {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ} ، أي: تضطرب، {كَأَنَّهَا جَانٌّ} ، أي: في حركتها السريعة مع عظم خلقتها، {وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} ، أي: ولم يكن يلتفت، لأن طبع البشرية ينفر من ذلك، فلما قال الله له: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} رجع فوقف في مقامه الأول.

ثم قال الله تعالى {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي: إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها فإنها تخرج تلألأ كأنها

قطعة قمر في لمعان البرق، ولهذا قال: {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} ، أي: من غير برص. انتهى ملخصًا.

وقوله تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} ، قال ابن زيد: مما دخله من الفَرَقِ من الحيّة والخوف، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ} ، قال السدي: العصا، واليد.

قال ابن جرير يقول: آياتان وحجّتان، {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} ، يقول: إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>