قال البغوي: قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} ، يعني: قوم نوح، وعادًا، وثمود وغيرهم، كانوا قبل موسى، {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} ، يعني: ليبصروا بذلك الكتاب ويهتدوا به {وَهُدًى} من الضلال لمن عمل به، {وَرَحْمَةً} لمن آمن به، {لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} بما فيه من المواعظ والبصائر.
{وَمَا كُنتَ} يا محمد {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} يعني: بجانب الجبل الغربي. قال قتادة، والسدي: قال ابن عباس: يريد حيث ناجى موسى ربه، {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} يعني: عهدنا إليه وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه، {وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} الحاضرين ذلك
المقام فتذكره من ذات نفسك، {وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً} خلقنا أممًا من بعد موسى عليه السلام {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} ، أي: طالت عليهم المهلة فنسوا عهد الله وميثاقه وتركوا أمره، وذلك أن الله تعالى قد عهد إلى موسى وقومه عهودًا في محمد - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به، فلما طال عليهم العمر وخلفت القرون بعد القرون نسوا تلك العهود وتركوا الوفاء بها.