قال ابن كثير: يخبر الله تعالى: أنه المنفرد بالخلق والاختيار، وأنه ليس له في ذلك منازع ولا معقب. قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي: ما يشاء، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالأمور كلها خيرها وشرها بيده ومرجعها إليه. وقوله:{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} ، نفي على أصح القولين، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} .
إلى أن قال: ولهذا قال: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، أي: من الأصنام، والأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئًا، ثم قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، أي: هو المنفرد بالألوهية فلا معبود سواه، كما لا رب يخلق ما يشاء ويختار سواه. {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} ، أي: في جميع ما يفعله هو المحمود عليه بعدله وحكمته ورحمته، {وَلَهُ الْحُكْمُ} ، أي: الذي لا معقّب له لقهره وغلبته وحكمته ورحمته، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ، أي: جميعكم يوم القيامة فيجزى كل عامل بعمله.