للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا على سبيل التقريع والتهديد، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} .

قوله عز وجل: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) } .

قال ابن كثير: النداء الأول عن سؤال التوحيد، وهذا فيه إثبات النبوّات ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالكم معهم؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: مَنْ ربّك؟ ومن نبيّك؟ وما دينك؟ فأما المؤمن فيشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأما الكافر فيقول: هاه، هاه لا أدري، ولهذا لا جواب له يوم القيامة، لأن من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، ولهذا قال تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ} ، قال مجاهد: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ} الحجج فهم لا يتساءلون بالأنساب.

قال البغوي: {فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ} : لا يجيبون. وقال قتادة لا يحتجّون. وقيل: يسكتون لا يسأل بعضهم بعضًا. وقوله: {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} ، أي: في الدنيا {فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} أي: يوم القامة. و (عسى) من الله موجِبة، فإن هذا واقع بفضل الله ومنّته لا محالة.

قوله عز وجل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>