قال ابن إسحاق: حدّثني يزيد بن رومان قال: ثم أقبل على المؤمنين فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} أن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ولا عن مكان هو به، ... {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} ، يقول: وأكثر ذكر الله في الخوف والشدة والرخاء.
وعن ابن عباس قوله:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ، قال: ذلك أن الله قال لهم في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} ، قال: فلما مسّهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق، تأوّل المؤمنون ذلك ولم يزدهم ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا.
وقال ابن إسحاق: حدّثني يزيد بن رومان: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} ، أي: فوالله بما عاهدوه عليه، {فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ} ، أي: فزع من عمله ورجع إلى ربه، كمن استشهد يوم بدر ويوم أحد، {وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ} ما وعد الله من نصره والشهادة على ما مضى عليه الصحابة {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} ، قال قتادة: يقول: ما شكّوا ما
تردّدوا في دينهم ولا استبدلوا به غيره، {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} ، يقول: إن شاء أخرجهم من النفاق إلى الإيمان، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} .