قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: أنه بعدما نصره الله تعالى على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة، هاجر من بين أظهرهم، {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} ، يعني: أولادًا مطيعين يكونون عوضًا من قومه وعشريته الذين فارقهم، قال الله تعالى:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وهذا الغلام هو: إسماعيل عليه السلام، فإنه أول ولد بُشّر به إبراهيم، وهو أكبر من إسحاق، باتفاق المسلمين، وأهل الكتاب.
وعن ابن عباس:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} لما شبّ حتى بلغ سعيه، سعى إبراهيم. قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح إسحاق كان أو إسماعيل؟ فقال: يا أصيمع، أين ذهب عقلك؟ متى كان إسحاق بمكّة؟ إنما كان إسماعيل بمكّة، وهو الذي بنى البيت مع أبيه. وقال ابن إسحاق وغيره: فلما أُمر إبراهيم بذلك قال لابنه: يا بنيّ خذ الحبل والمدية ننطلق إلى هذا الشعب نحتطب، فلما خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما أُمر {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} .
{فَلَمَّا أَسْلَمَا} انقاد وخضعا لأمر الله تعالى. قال قتادة: أسلم إبراهيم ابنه وأسلم الابن نفسه، {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} ، قال ابن عباس: أضجعه على جبينه على الأرض. وعن قتادة:{وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} ، أي: وكبّه لِفِيه وأخذ