عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده في بيته منكسًا رأسه فقال له: ما شأنك؟ فقال: شرٌّ - كان يرفع صوته فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد حبط عمله فهو من أهل النار - فأتى الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه قال: كذا وكذا فقال اذهب إليه فقل له: «إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة» . رواه البخاري وغيره.
وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} ، قال قتادة: أخلص الله قلوبهم فيما أحب. وعن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} .
وقال ابن إسحاق: فلما دخل وفد بني تميم المسجد، نادوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صاحبهم، فخرج إليهم فقالوا: يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال:«قد أذنت لخطيبكم فليقل» ؛ فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن وهو أهله، الذي جعلنا ملوكًا ووهب لنا أموالاً عظامًا نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز
أهل المشرق وأكثره عددًا وأيسره عدة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا وأمر أفضل من أمرنا، ثم جلس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن الشماس:«قم فأجب الرجل في خطبته» ، فقام ثابت بن قيس فقال: الحمد لله الذي له ما في السماوات والأرض، خلقه قضى فيهن أمره، ووسع