رَّبِّهِ} بقبول توبته {لَنُبِذَ بِالْعَرَاء} ، لطرح بالقضاء من بطن الحوت {وَهُوَ مَذْمُومٌ} ، حال كونه مجرمًا ملومًا، يعني: لمّا تداركه برحمته نبذه على حال غير حال الذم واللوم {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ} اصطفاه {فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} من الأنبياء.
وعن ابن عباس في قوله:{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} ، يقول: ينفذونك بأبصارهم من شدّة النظر، وعن ابن مسعود أنه كان يقرأ:(وإن يكاد الذين كفروا ليزهقونك) . وقال الكلبيّ {لَيُزْلِقُونَكَ} ليصرعونك. وعن الضحاك: ينفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء. وقال ابن كثير: أي: يعينونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم؛ وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حقّ بأمر الله عز وجل. وعن ابن عباس عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«العين حقّ ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا» . رواه مسلم وغيره.
وقوله تعالى:{لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} أي: أن هذا النظر كان يشتدّ منهم في حال قراءة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - القرآن حسدًا على ما أوتي من النبوّة ... {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} ، تنفيرًا عنه مع علمهم بأنه أعقلهم؛ ثم قال تعالى:{وَمَا هُوَ} ، أي: القرآن، {إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} ، الجنّ والإنس، فكيف يمكن نسبة من جاء بمثله إلى الجنون؟ والله المستعان.