قال البغوي:{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} ، أي: فدعني والمكذّبين بالقرآن وخلّ بيني وبينهم. قال الزجاج: معناه لا تشغل قلبك
وَكِلْهُ إليّ فإني أكفيك أمره {سَنَسْتَدْرِجُهُم} سنأخذهم بالعذاب من حيث لا يشعرون.
وقال ابن جرير: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: كِلْ يا محمد أمر هؤلاء المكذّبين بالقرآن إليّ، وهذا كقول القائل لآخر غيره يتوعّد رجلاً: دعني وإياه، وخلّني وإياه، بمعنى أنه من وراء مساءته. ... {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} ، قال ابن جرير: قويّ شديد. وفي الصحيحين عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} .
قال في جامع البيان: سمّى الاستدراج كيدًا لأنه في صورة الكيد. {أَمْ تَسْأَلُهُمْ} ، يا محمد، {أَجْراً} ، على الهداية، {فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} ، غرامة مثقلون بحملها فلذا يعرضون عنك؛ و (أم) منفصلة والهمز للإنكار {أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ} علم الغيب {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ، فلا يحتاجون إليك وإلى علمك. {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} ، بإمهالهم، {وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} ، يونس عليه السلام في العجلة والضجر، {إِذْ نَادَى} في بطن الحوت، {وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن