قال ابن زيد: كان يقال: لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم من الوحي شيئًا كتم هذا عن نفسه؛ قال: وكان يتصدّق كهذا الشريف في جاهليّته رجاء أن يسلم، وكان عن هذا يتلهّى.
قال البغوي:{عَبَسَ} كلح {وَتَوَلَّى} أعرض بوجهه، {أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} وهو ابن أم مكتوم، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} يتطهّر من الذنوب بالعمل الصالح وما يتعلّمه منك، {أَوْ يَذَّكَّرُ} يتّعظ ... {فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى} ، {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} ، قال ابن عباس: عن الله وعن الإيمان بما لَهُ من المال، {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} تتعرض له وتقبل وتصغي إلى كلامه، {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} أن لا يؤمن ويهتدي، إن عليك إلاَّ البلاغ. {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى} يمشي، يعني: ابن أمّ مكتوم {وَهُوَ يَخْشَى} الله عز وجل {فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى} تتشاغل وتعرض عنه. {كَلَّا} زجر: أي: لا تفعل بعدها مثلها {إِنَّهَا} ، يعني: هذه الموعظة؛ وقال مقاتل: آيات القرآن، {تَذْكِرَةٌ} موعظة وتذكير للخلق {فَمَن شَاء} من عباد الله {ذَكَرَهُ} أي: اتّعظ به. ثم أخبر عن جلالته عنده فقال:{فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ} يعني: اللوح المحفوظ {مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ} لا يمسّها إلاَّ المطهرون {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، قال ابن عباس: هم الملائكة {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} قال البغوي: أي: كرام على الله بررة مطيعين. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاقّ له أجران» . رواه الجماعة.