عن ابن عباس في قوله:{فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ} ، قال:(هذا من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده) . قال البغوي:{فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ} ، يعني: صيحة القيامة، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع: أي: تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه. وقال عكرمة: يلقى الرجل زوجته فيقول: يا هذه أيّ بعل كنت لك؟ فتقول: نعم البعل، وتثني بخير ما استطاعت، فيقول لها:
فإني أطلب إليك اليوم حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين، فتقول له: ما أيسر ما طلبت، ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئًا، أتخوف مثل الذي تخاف. قال: وإن الرجل ليلقى ابنه فيتعلق به فيقول: يا بني: أيّ والد كنت لك؟ فيثني بخير فيقول له: يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى، فيقول ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثل الذي تخوف، فلا أستطيع أن أعطيك شيئًا يقول الله تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} . وعن عروة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً» فقالت: يا رسول الله فكيف بالعوارت؟ فقال:« {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} » . رواه النسائي. وقال ابن زيد في قول الله:{لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} ، قال: شأن قد شغله عن صاحبه.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} ، قال: هؤلاء أهل الجنة: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} ، قال: هذه وجوه أهل النار؛ قال: والقترة من الغبرة وهما واحد، فأما في الدنيا فإن القترة ما ارتفع فحلق بالسماء رفعته الريح، تسميه