للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي ولدت معه، لأنه لم يكن يومئذٍ نساء إلا أخواتهم

، فلما ولد قابيل وتوأمته أقليما ثم هابيل وتوأمته لبودا، وكان بينهما سنتان - في قول الكلبي - وأدركوا، أمرَ الله تعالى آدم عليه السلام أن ينكح قابيل لبودا أخت هابيل، وينكح هابيل أقليما أخت قابيل، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل، فذكر ذلك آدم لولده فرضي هابيل وسخط قابيل، وقال: هي أختي أنا أحق بها، ونحن من ولادة الجنة، وهما من ولادة الأرض، فقال له أبوه: إنها لا تحل لك، فأبى أن يقبل ذلك، وقال: إن الله لم يأمره بهذا، وإنما هو من رأيه، فقال لهما آدم عليه السلام: فقرّبا قربانًا، فأيّكما يقبل قربانه فهو أحقّ بها، وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء بيضاء فأكلتها، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار، وأكلته الطير والسباع؛ فخرجا ليقرّبا قربانًا، وكان قابيل صاحب زرع، فقرّب صبرة من طعام من أردأ زرعه، وأضمر في نفسه: ما أبالي يقبل مني أم لا، لا يتزوج أختي أبدًا، وكان هابيل صاحب غنم، فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرّب به، وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل، فوضعا قربانهما على الجبل، ثم دعا آدم عليه السلام، فنزلت نار من السماء وأكلت قربان هابيل، ولم تأكل قربان قابيل، فذلك قوله عز وجل: {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} ، يعني: هابيل، {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ} ، يعني: قابيل، فنزلوا على الجبل وقد غضب قابيل لردّ قربانه، وكان يضمر الحسد في نفسه، إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت، فلما غاب آدم أتى قابيلُ هابيلَ وهو في غنمه، قال لأقتلنك قال: ولِمَ؟ قال: لأن الله تعالى قبل قربانك وردّ قرباني، وتنكح

أختي الحسناء، وأنكح أختك الدميمة، فيتحدث الناس أنك خير مني، ويفتخر ولدك على ولدي. قال هابيل: وما ذنبي؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ} ، أي: مددت {إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} .

قال عبد الله بن عمرو: وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين، ولكن منعه

<<  <  ج: ص:  >  >>