للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الخامسة عشرة:]

زعموا أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إني لا أصافح النساء ولو كان مفيداً للتحريم لكان متعارضاً مع مصافحته عليه الصلاة والسلام

للنساء وهي مباحة، فيتعارض الخبر الذي فيه تحريم مع الخبر الذي فيه إباحة فيرجح المباح على التحريم واحتجوا بكلام للآمدي حيث قال: [إذا كان أحد الأمرين ناهياً والآخر مبيحاً فالمبيح يكون مقدماً]. (١)

والجواب: إن دعواهم بالتعارض بين الأمرين المذكورين إنما هو تعارض في خيالهم فقط لا في الواقع وحقيقة الأمر، لأن الثابت الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصافح النساء كما سبق وبينا، ولو سلمنا جدلاً بوقوع المعارضة فكلامهم في ترجيح المبيح على المحرم غير صحيح وأن ما قاله الآمدي في هذه المسألة مرجوح والذي عليه جمهور الأصوليين والفقهاء أنه إذا تعارض الحظر مع الإباحة فالحظر مقدم.

وهذا قول الإمام أحمد والكرخي والإمام الرازي وابن الحاجب وابن

السمعاني وابن السبكي والشوكاني (٢)، وصححه أبو إسحاق الشيرازي فقال: [أن يكون أحدهما يقتضي الحظر والآخر الإباحة ففيه وجهان أحدهما أنهما سواء والثاني أن الذي يقتضي الحظر أولى وهو الصحيح لأنه أحوط]. (٣)


(١) الخلاص ص ٦٢، وانظر الأحكام للآمدي ٤/ ٢١٨.
(٢) انظر المحصول ٢/ ٥٨٧، إرشاد الفحول ص ٢٧٩،٢٨٣، اللمع في أصول الفقه ص ٢٤٢، فواتح الرحموت ٢/ ٢٠٦، شرح الكوكب المنير ٤/ ٢٧٩، التعارض والترجيح عند الأصوليين ص ٣٦٢ - ٣٦٤، التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ٢/ ٣٢٥ - ٢٣٦، التقرير والتحبير ٣/ ٢١، أدلة التشريع المتعارضة ص ١٠٠.
(٣) اللمع في أصول الفقه ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>