((لا بد للمرأة من ثلاثة أثواب تصلي فيهن: درع وجلباب وخمار، وكانت عائشة تحل إزارها، فتجلبب به)) رواه ابن سعد بإسناد صحيح على شرط مسلم.
وإنما كانت تفعل ذلك لئلا يصفها شيء من ثيابها، وقولها:((لا بد))، دليل على وجوب ذلك، وفي معناه قول ابن عمر رضي الله عنهما:
((إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها: الدرع، والخمار، والملحفة)) رواه ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح.
وهذا يؤيد ما سبق أن ذهبنا إليه من وجوب الجمع بين الخمار والجلباب على المرأة إذا خرجت.
ومما يحسن إيراده هنا استئناساً، ما روي عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قالت:
((يا أسماء! إني قد استقبحت ما يُصنع بالنساء ـ أي عند الموت ـ أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! ألا أُريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله، تُعرفُ به المرأةُ من الرجل. فإذا مت أنا فاغسليني أنت وعلي، ولا يدخل عليَّ أحدٌ، فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله عنهما)) رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي.
فانظر إلى فاطمة بضعة النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة التي تصف نهودهن وخصورهن وألياتهن وسوقهن وغير ذلك من أعضائهن، ثم ليستغفرن الله تعالى، وليتبن إليه، وليذكرن قوله - صلى الله عليه وسلم -:
((الحياءُ والإيمان قُرنا جميعاً، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر)) رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وبهذه المناسبة أقول: إن كثيراً من الفتيات المؤمنات يبالغن في ستر أعلى البدن ـ أعني الرأس ـ فيسترن الشعر والنحر، ثم لا يبالين بما دون ذلك فيلبسن الألبسة الضيقة والقصيرة التي لا تتجاوز نصف الساق أو يسترن النصف الآخر بالجوارب اللحمية التي تزيده جمالاً، وقد تصلي بعضهن بهذه الهيئة، فهذا لا يجوز، ويجب عليهن أن يبادرن إلى إتمام الستر كما أمر الله تعالى، أسوة بنساء المهاجرين الأُوَل، حين نزل الأمر بضرب الخُمُر؛ شققن مروطهن فاختمرن بها، ولكننا لا نطالبهن بشق شيء من ثيابهن! وإما بإطالته وتوسيعه حتى يكون ثوباً ساتراً لجميع ما أمرهن الله بستره. ولقد رأينا كثيراً من الفتيات