للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاقِفٌ فِي الْكِنَاسِ وَهِيَ مَحِلَّةُ بَنِي أَسَدٍ - وَقَدْ ثَنَى رِجْلَهُ عَلَى مَعْرِفَةِ فَرَسِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ أَطْلَعَ قَوْمٌ مَعَهُمْ حَرَمْلَةُ بْنُ كَاهِلٍ الْأَسَدِيُّ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ وَهُوَ مَكْتُوفُ الْيَدَيْنِ إِلَى وَرَائِهِ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: قَطِّعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا تَمَّ الْأَمْرُ حَتَّى قَطَّعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِنِفْطٍ وَقَصَبٍ، فَصَبَّ عَلَيْهِ النِّفْطَ وَأَلْقَى عَلَيْهِ الْقَصَبَ وَطَرَحَهُ فِي النَّارِ فَأُحْرِقَ، فَقُلْتُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهَ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا بِشْرُ: أَنْكَرْتَ فِعْلِي بِحَرْمَلَةَ هَذَا، أَنَسِيتَ فِعْلَهُ بِآلِ عَلِيٍّ وَمَوْقِفَهُ فِيهِمْ يَوْمَ الْحُسَيْنِ وَقَدْ رَمَى طِفْلًا لِلْحُسَيْنِ وَهُوَ فِي حِجْرِهِ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ: مَا أَنْكَرْتُ ذَلِكَ وَإِنَّ هَذَا قَلِيلٌ فِي جَنْبِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ لِإِثْمِهِ الدَّائِمِ، وَلَكِنِّي أُحَدِّثُ الْأَمِيرَ بِشَيْءٍ

ذَكَرْتُهُ يَسُرُّهُ وَيُثَبِّتُ قَلْبَهُ وَيُقَوِّي عَزْمَهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ يَا مُبَارَكُ؟ قُلْتُ: حَجَجْتُ سَنَةً فَأَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ زَائِرًا وَمُسَلِّمًا عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ كَاهِلٍ هَذَا، فَقُلْتُ: هُوَ أَحَدُ بَنِي مُوقِدِ النَّارِ، فَقَالَ: قَطَّعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَوْقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، قَالَ: فَخَرَّ الْمُخْتَارُ سَاجِدًا عَلَى قَرْبُوسِ سَرْجِهِ وَكَادَ أَنْ يَطِيرَ مِنَ السَّرْجِ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ بَشَّرَكَ اللَّهُ يَا بِشْرُ بِخَيْرٍ.

فَلَمَّا انْصَرَفْنَا وَصَارَ إِلَى بَابِ دَارِي قُلْتُ: إِنَّ رَأَى الْأَمِيرُ أَنْ يُكْرِمَنِي بِنُزُولِهِ عِنْدِي وَيُشَرِّفُنِي بِأَكْلِهِ طَعَامِي؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَهُ الْحَمْدُ! تُحَدِّثُنِي بِمَا حَدَّثْتَنِي بِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَتَسْأَلُنِي الْغَدَاءَ، لَا وَاللَّهِ يَا بِشْرُ مَاهَذَا يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، هَذَا يَوْمُ صَوْمٍ وَذِكْرٍ ".

٨٦٢ - أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوَّزِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدٍ الطَّبَرِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعُكْلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَكَرَ ابْنٌ وَأَبٌ، قَالَ: ذَكَرَ عَوَانَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ سَارَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْعِرَاقِ فَإِذَا هُوَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَدِ اسْتَعْلَاهُمْ بِالْكَلَامِ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى عَضُدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: أَصْبَحْتَ وَاللَّهِ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:

يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ بِمَعْمَرٍ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي

وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي خَلَتْ وَاللَّهِ يَابْنَ الزُّبَيْرِ الْحِجَازُ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَقْبَلْتَ تَهْدِرُ فِي جَوَانِبِهَا فَغَضِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ: وَاللَّهِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّكَ لَتَرَى أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنِّي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِنَّمَا يَرَى مَنْ كَانَ فِي شَكٍّ وَأَنَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى يَقِينٍ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: بِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَقَّ عِنْدَكَ أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الشَّأْنِ مِنِّي؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَنَا أَحَقُّ بِحَقِّ مَنْ تُدْلِي بِحَقِّهِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَقَّ عِنْدَكَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَقَدْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنَ الْأَصْلِ إِلَّا بِنَا، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: اسْتَحَقَّ عِنْدِي أَنِّي أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ لِشَرَفِي عَلَيْهِمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنْتَ أَشْرَفُ، أَوْ مَنْ شَرُفْتُ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>