مَسَاجِدُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ وَمُصَلَّى مَلَائِكَتِهِ، مَتْجَرُ أَوْلِيَائِهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ، وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ، فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا، وَقَدْ آذَنَتْ بَيْنَهَا، وَنَادَتْ بِانْقِطَاعِهَا، وَنَعَتَتْ نَفْسَهَا وَأَهْلَهَا، فَمُثِّلَتْ بِبَلَائِهَا الْبِلَى، وَشُوِّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ تَخْوِيفًا وَتَرْغِيبًا، وَابْتَكَرَتْ بِعَافِيَةٍ وَرَاحَتْ بِفَجِيعَةٍ.
فَذَمَّهَا رِجَالٌ فَرَّطُوا غَدَاةَ النَّدَامَةِ، وَحَمِدَهَا آخَرُونَ اكْتَسَبُوا فِيهَا الْخَيْرَ الْكَثِيرَ، فَيَأَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَى اسْتَذَمَّتْ إِلَيْكَ؟ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ؟ أَبِمَضَاجِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى؟ أَمْ بِمَصَارِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى؟ كَمْ مَرِضْتَ بِيَدَيْكَ وَعَالَجْتَ بِكَفَّيْكَ؟ تَلْتَمِسُ لَهُمُ الشِّفَاءَ وَتَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ، لَمْ تَنْفَعْهُمْ بِشَفَاعَتِكَ، وَلَمْ تُسْعِفْهُمْ فِي طِلْبَتِكَ، مَثَّلَتْ لَكَ وَيْحَكَ الدُّنْيَا بِمَصْرَعِهِمْ مَصْرَعَكَ، وَبُمَضْجَعِهِمْ مَضْجَعَكَ، حِينَ لَا يُغْنِي بُكَاؤُكَ، وَلَا يَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَهْلِ الْمَقَابِرِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ، وَيَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، أَمَّا الْمَنَازِلُ فَقَدْ سَكَتَتْ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدِ اقْتُسِمَتْ، وَأَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ، هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟ ثُمَّ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى "
٢٢١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شُبَيْطٍ الْمُقْرِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَيْنَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ: وَرِثَ رَجُلٌ دَارًا عَنْ أَبِيهِ، فَأَرَادَ هَدْمَهَا , وَبِنَاءَهَا، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ , كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ:
إِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ فِي الْحَيَاةِ وَقَدْ تَرَى ... أَرْبَابَ دَارِكَ كُلُّهُمْ أَمْوَاتٌ
أَوْ هَلْ تَحُسُّ مِنَ الْأَرْكَامِ ذِكْرَهُمْ ... خَلَتِ الدِّيَارُ وَبَادَتِ الْأَصْوَاتُ.
٢٢١٩ - أَنْشَدَنَا الْمُطَهَّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَبْدِيُّ الْخَطِيبُ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَنْشَدَنَا بَسِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَسْتِيُّ بِالرَّيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْقَتَادِ:
انْظُرْ إِلَى مَنْ حَوَى الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا ... هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ السِّدْرِ وَالْكَفَنِ
وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي يَوْمِ النُّشُورِ إِذَا ... تَغَابَنَ النَّاسُ فِيهِ أَيَّمَا غَبَنِ
أَمَّا الْمَطَامِعُ فَاحْذَرْهَا فَكَمْ صَرَعَتْ ... مِنْ حَازِمِ الرَّأْيِ ذِي لُبٍّ وَذِي فَطَنِ
كَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَأَبْصَرْنَا مَصَارِعَهَا ... لَكِنَّ ذَاكَ بِلَا عَيْنٍ وَلَا أُذُنِ.
٢٢٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَصْفَهَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَيْرُونٌ، عَنْ عِيسَى الْمَغْرِبِيِّ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى