السَّمَاءِ كَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ جَاءَتْهُ صَلَاتُهُ فَكَانَتْ عِنْدَ يَمِينِهِ، وَجَاءَ صِيَامُهُ فَكَانَ عِنْدَ يَسَارِهِ، وَجَاءَ الذِّكْرُ فَكَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَجَاءَ مَشْيُهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَكَانَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجَاءَ الصَّبْرُ فَقَامَ نَاحِيَةً مِنَ الْقَبْرِ، قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ عُتَقَاءَ مِنَ الْعَذَابِ فَيَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: إِلَيْكَ عَنْهُ، مَا زَالَ عُمْرُهُ دَائِبًا قَائِمَا اسْتَرَاحَ الْآنَ حِينَ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، فَيَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يَأْتِيهِ يُخَاطِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا يَأْتِيهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَّا وَجَدَ اللَّهَ قَدْ أَخَذَ جَنَّتَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ: فَيَقُولُ الصَّبْرُ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُبَاشِرَهُ أَنَا بِنَفْسِي، فَأَمَّا إِذَا أَجْزَأْتُمْ فَأَنَا ذُخْرٌ لَهُ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ، قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ، يَطِيَانِ فِي أَشْعَارِهِمَا، بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّحْمَةُ وَالرَّأْفَةُ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِا رَبِيعَةُ وَمُضَرُ لَمْ يُقْلُوهَا فَيَأْتِيَانِهِ فَيَقُولُانِ لَهُ: مَنْ كُنْتَ تَعْبُدُ؟ وَمَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَنْ يَطِيقُ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَصِفُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ مَا تَصِفُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ
الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧] ، قَالَ فِيَقُولُ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَالْإِسْلَامُ دِينِي الَّذِي دَانَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: صَدَقْتَ، فَيَدْفَعَانِ الْقَبْرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا , وَمِنْ خَلْفِهِ كَذَلِكَ، وَعَنْ يَمِينِهِ كَذَلِكَ , وَعَنَ يَسَارِهِ كَذَلِكَ , ثُمَّ يَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ اللَّهِ نَجَوْتَ آخِرَ مَا عَلَيْكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرْحَةٌ لَا تُرَدُّ أَبَدًا، ثُمَّ يَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ اللَّهِ انْظُرْ فَوْقَكَ؟ فَيَنْظُرُ فَوْقَهُ , فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ اللَّهِ هَذَا مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ فَرْحَةٌ لَا تُرَدُّ أَبَدًا، قَالَ يَزِيدُ الرِّقَاشِيُّ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يُفْتَحُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ بَابًا مِنَ الْجَنَّةِ , فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَبَردِهَا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ: فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ انْطَلِقْ إِلَى عَدُوِّي فَائْتِنِي بِهِ فَإِنِّي قَدْ بَسَطْتُ لَهُ رِزْقِي وَسَرْبَلْتُهُ نِعْمَتِي فَائْتِنِي بِهِ فَلَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي أَكْرَهِ صُورَةٍ رَآهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، لَهُ اثْنَتَا عَشَرَ عَيْنًا وَمَعَهُ سُفُودٌ مِنْ نَارٍ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَمَعَهُ خَمْسُ مِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَحْمِلُونَ مَعَهُ سِيَاطًا مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، فَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَضْرِبُهُ بِذَلِكَ السُّفُودِ ضَرْبَةً فَتَغِيبُ كُلُّ شَوْكَةٍ مِنْ ذَلِكَ السُّفُودِ فِي كُلِّ عِرْقٍ مِنْهُ فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ أَظْفَارِ قَدَمَيْهِ فَيُلْقِيهَا فِي عَقِبَيْهِ وَيَسْكُرُ عَدُوَّ اللَّهِ سَكْرَةً فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى حَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اخْرُجِي أَيَّتُها الرُّوحُ إِلَى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ، فَإِذَا قَبَضَ مَلَكَ الْمَوْتِ رُوحَهُ
قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute