للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ، وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَلْعَنُهُ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْصِى اللَّهَ عَلَيْهَا وَكُلُّ بَابٍ مِنَ السَّمَاءِ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَبْرَهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَتَدْخُلُ الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى وَالْيُسْرَى فِي الْيُمْنَى، قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَفَاعِي دُهُمُاً كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ فَتَأْخُذُ بِأَرْنَبَتِهِ وَإِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ فَيَقْرِضَانِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَانِ فِي وَسَطِهِ، قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ، وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ يَطِيَانِ فِي أَشْعَارِهِمَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُمَا الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ لوِ اجْتمَعَ رَبِيعٌ وَمُضَرُ لَمْ يُقْلُوهَا، فَيَأْتِيَانِهِ فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يَتَطَايَرُ لَهَا شَرَرًا فِي قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ كَمَا كَانَ يَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُانِ: عَدُوَّ اللَّهِ لَا دَرِيتَ وَلَا بَلِيتَ، وَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يتَطَايَرُ لَهُ شَرَرًا فِي قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ كمَا كَانَ ثُمَّ يَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ انْظُرْ فَوْقَكَ، فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ أَطَعْتَ اللَّهَ لَكَانَ هَذَا مَنْزِلَكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ حَسْرَةٌ لَا تُرَدُّ أَبَدًا، فَيَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ انْظُرْ إِلَى تَحْتِكَ، فَيَنْظُرُ تَحْتَهُ , فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النَّارِ , فَيَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ هَذَا مَنْزِلُكَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لَا تُرِدُّ أَبَدًا، قَالَ يَزِيدُ الرِّقَاشِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَيُفْتَحُ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ بَابًا إِلَى

النَّارِ , فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا , وَسَمُومِهَا , حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا "

٢٩١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيَوَيْهِ الْخَرَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزاهد، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى النَّحْوِيُّ، أَنْشَدَ لِأُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ مُكَرَّرَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، قَالَ الْقَاضِي الْأَجَلُّ شَمْسُ الدِّينِ جَمَالُ الْمُسْلِمِينَ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَّامِ بْنِ أَبِي يَحْيَى رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْخَبَرِ , وبَيَانِ فَوَائِدِهِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي قَرَأْنَاهَا عَلَيْهِ , وَرَأَيْنَا نَقْلَهُ إِلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ التَّصْرِيحِ الظَّاهِرِ بِإِثْبَاتِ الْحَيَاةِ فِي الْقَبْرِ وَثَوَابِ الْمُطِيعِينَ وَعِقَابِ الْعُصَاةِ , وَعِظَمِ الْمَوْقِعِ فِي الْمَوْعِظَةِ إِشْعَارٌ بِإِزَاءِ الْخَوْفِ , وَالْخَشْيَةِ مَالَا يَخْفَى عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَةٌ مِنَ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ، وَنَصِيبٌ فِي التَّقْوَى وَالدِّينِ، وَمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ وَكَثْرَةِ مَنْ يُحْضِرُ النُّفُوسَ، فَذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمُسْتَبْعَدٍ، وَلَيْسَ يَجُوزُ إِنْكَارُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثَ إِنَّ غَيْرَ الْمُحْتَضِرِ لَا يَرَاهُمْ , لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقَوِّي شُعَاعَ بَصَرِهِ , حَتَّى يَرَى مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] .

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>