فَمَرِضَ الصَّبِيُّ فَحَزِنَ عَلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، حُزْنًا شَدِيدًا حَتَّى تَضَعْضَعَ لِذَلِكَ، وَأَبُو طَلْحَةَ يَغْدُو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَيَرُوحُ، فَرَاحَ رَوْحَةً وَمَاتَ الصَّبِيُّ، فَعَمِدَتْ إِلَيْهِ أُمُّ سَلِيمٍ , فَطَيَّبَتْهُ , وَنَطَّقَتْهُ , وَجَعَلَتْهُ فِي مِخْدَعِهَا، فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: كَيْفَ أَمْسَى ابْنِي؟ قَالَتْ: خَيْرَ مَا كَانَ مُنْذُ اشْتَكَى أَسْكَنَ مِنْهَ اللَّيْلَةَ، قَالَ مُوسَى: وَأَخَافُ أَنْ أَكُونَ لَمْ أَفْهَمْ مِنَ الصَّلْتِ قَوْلَهُ أَسْكَنَ مِنْهَ ُهَذِهِ الْكَلِمَةَ وَحْدَهَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَسُرَّ بِذَلِكَ، وَقَدَّمَتْ لَهُ عَشَاءَهُ , فَتَعَشَّى ثُمَّ مَسَّتَ شَيْئًا مِنْ طِيبٍ ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِا، فَلَمَّا تَعَشَّى وَأَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ جَارًا لَكَ أَعَارَكَ عَارِيَةً فَاسْتَمْتَعْتَ بِهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا مِنْكَ أَكُنْتَ تَرُدُّهَا إِلَيْهِ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ لَرَادُّهَا إِلَيْهِ، قَالَتْ: طَيِّبَةٌ بِهَا نَفْسُكَ؟ قَالَ: طَيِّبَةٌ بِهَا نَفْسِي، قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ أَعَارَكَ فُلَانًا وَمَتَّعَكَ بِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ قَبَضَهُ فَاصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ أَبُو طَلْحَةَ وَصَبَرَ وَأَصْبَحَ غَادِيًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ حَدِيَثَ أُمِّ سَلِيمٍ كَيْفَ صَنَعَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا، قَالَ:
وَحَمَلَتْ مِنْ تِلْكَ الْوَقْعَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: إِذَا وَلَدَتْ أُمُّ سَلِيمٍ فَجِئْنِي بِوَلَدِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَحَمَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ فِي خِرْقَةٍ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَمْرَةً فِي فِيهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: فَمَضَغَهَا , ثُمَّ مَجَّهَا فِي فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيَّ يَتَلَمَّظُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: حَبَّ الْأَنْصَارُ التَّمْرَ، فَحَنَّكَهُ , وَسَمَتَ عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ "
٢٩٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْظَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَخِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا , وَقَدْ دَفَنَ ابْنًا لَهُ , ثُمَّ قَعَدَ عِنْدَ قَبْرِهِ يَقُولُ: يَا بُنِيَّ: كُنْتَ هِبَةَ مَاجِدٍ، وَعَطِيَّةَ وَاحِدٍ، وَعَارِيَّةَ مِفِيدٍ، وَوَدِيعَةَ مُنْتَصِرٍ، فَاسْتَرَدَّكَ مُعِيرُكَ، وَاسْتَرْجَعَكَ مُفِيدُكَ، وَأَخَذَكَ مَالِكُكَ، فَأَتْحَفَنِي اللَّهُ عَلَيْكَ الْأَجْرَ، وَلَا حَرَمَنِي فِيكَ الصَّبْرَ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ وَبِلٍّ مِنْ قَبْلِي، وَاللَّهُ أَوْلى بِالْفَضْلِ عَلَيْكَ مِنِّي.
٢٩٥٣ - أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَرَجِ الرَّيَاشِيُّ لِنَفْسِهِ:
سَيَسْكُتُ بَاكٍ بَعْدَ طُولِ نَحِيبٍ ... وَتَخْمُدُ عَيْنٌ بَعْدَ طُولِ سُكُوبٍ
وَيَبْقَى بِلَا حُزْنٍ ذُو الْحُزْنِ بَعْدَهُ ...
وَتَنْسَى اللَّيَالِي ذِكْرَ كُلِّ حَبِيبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute