للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَكَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَنَا فِي الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ بِدَلَالَةِ نَصٍّ، وَرَدَ فِي الْوِقَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ فِي الْوِقَاعِ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ هُوَ كَوْنُهُ جِنَايَةً عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهِمَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْهُمَا أَشَدُّ، وَالدَّاعِيَةَ إلَيْهِمَا

ــ

[التلويح]

جَانِبِهَا كَانَ الرَّجْمَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحَقُّقِ السَّبَبِ فِي جَانِبِهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

(قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) أَيْ ثُبُوتُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْلَى مِنْ ثُبُوتِهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا أَحْوَجُ إلَى الزَّاجِرِ مِنْ الْجِمَاعِ لِقِلَّةِ الصَّبْرِ عَنْهُمَا، وَكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِيهِمَا لَا سِيَّمَا بِالنَّهَارِ لِإِلْفِ النَّفْسِ بِهِمَا، وَفَرْطِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا، وَفِي هَذَا تَحْقِيقُ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ ثَابِتٌ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُثْبِتُ الْحُدُودَ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُعَارَضٌ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ بِالْوِقَاعِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْآدَمِيِّ أَشَدُّ مِنْ الْجِنَايَةِ بِالْأَكْلِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ، الثَّانِي أَنَّ الْجِمَاعَ مَحْظُورُ الصَّوْمِ، وَالْأَكْلَ نَقِيضُهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ بِالْمَحْظُورِ فَوْقَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا بِالنَّقِيضِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَرِدُ عَلَى الْعِبَادَةِ لِبَقَائِهَا عِنْدَ وُرُودِ الْمَحْظُورِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْمُضَادَّةِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بَعْدَ الْوُرُودِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ تَنْعَدِمُ قَبْلَ وُرُودِ النَّقِيضِ لِامْتِنَاعِ الِاجْتِمَاعِ، الثَّالِثُ أَنَّ الْوِقَاعَ يُوجِبُ فَسَادَ صَوْمَيْنِ عِنْدَ كَوْنِ الْمَرْأَةِ صَائِمَةً، وَلِهَذَا قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: هَلَكْت، وَأَهْلَكْت، الرَّابِعُ أَنَّ تَنَاهِيَ غَلَبَةِ الْجُوعِ تُبِيحُ الْإِفْطَارَ فَوُجُودُ بَعْضِهَا يُورِثُ شُبْهَةَ الْإِبَاحَةِ بِخِلَافِ تَنَاهِي غَلَبَةِ الشَّبَقِ؟ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ إفْسَادُ الصَّوْمِ لَا إتْلَافُ مَنَافِعِ الْبُضْعِ حَتَّى لَوْ زَنَى عَامِدًا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِوُجُودِ الْإِفْسَادِ، وَلَوْ زَنَى نَاسِيًا لَا تَجِبُ لِعَدَمِ الْإِفْسَادِ، وَكَذَا تَجِبُ فِي الْأَكْلِ لِهَذَا الْإِفْسَادِ لَا لِإِتْلَافِ الطَّعَامِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ عَامِدًا تَجِبُ، وَلَوْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ نَاسِيًا لَا تَجِبُ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ فَالْوِقَاعُ أَيْضًا نَقِيضُهُ، وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ فَسَادَ صَوْمِهَا بِفِعْلِهَا، وَوُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ حَتَّى لَوْ وَاقَعَ غَيْرَ الصَّائِمَةِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَعَنْ الرَّابِعِ أَنَّ الْمُبِيحَ هُوَ خَوْفُ التَّلَفِ لَا تَنَاهِي الْجُوعِ كَيْفَ وَالصَّوْمُ إنَّمَا شُرِعَ لِحِكْمَةِ الْجُوعِ نَعَمْ تَنَاهِي الْجُوعِ شَرْطُ خَوْفِ التَّلَفِ لَكِنْ لَا عِبْرَةَ بِبَعْضِ الْعِلَّةِ فَكَيْفَ بِبَعْضِ الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ الْعِلَّةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ النَّصِّ الْوَارِدِ فِي الزِّنَا أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ بِسَبَبِهِ مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطَةِ حَتَّى كَانَ تَبَدُّلُ الِاسْمِ بَيْنَهُمَا لَيْسَ إلَّا بِاعْتِبَارِ تَبَدُّلِ الْمَحَلِّ كَالسَّارِقِ، وَالطَّرَّارِ، وَمَاعِزٍ، وَغَيْرِهِ فَوُجُوبُ الْحَدِّ فِي اللِّوَاطَةِ يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ فَهْمَ كُلِّ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ السَّبَبُ لِوُجُوبِ الْحَدِّ كَيْفَ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ الْعَارِفِينَ بِاللُّغَةِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّا نَقُولُ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِلْحَدِّ هُوَ مُجَرَّدُ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>