للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرُ فَبِالْأَحْرَى أَنْ يَثْبُتَ الزَّاجِرُ فِيهِمَا، وَكَوُجُوبِ الْحَدِّ عِنْدَهُمَا فِي اللِّوَاطَةِ بِدَلَالَةِ نَصٍّ وَرَدَ فِي الزِّنَا فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ فِيهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ بِسَفْحِ الْمَاءِ فِي مَحَلٍّ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطَةِ بَلْ زِيَادَةٌ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحُرْمَةِ وَسَفْحُ الْمَاءِ فَوْقَهُ أَيْ فَوْقَ الزِّنَا أَمَّا فِي الْحُرْمَةِ فَلِأَنَّ حُرْمَةَ اللِّوَاطَةِ لَا تَزُولُ أَبَدًا، وَأَمَّا فِي سَفْحِ الْمَاءِ فَلِأَنَّهَا تَضْيِيعُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَخَلَّقُ مِنْهُ الْوَلَدُ (وَفِي الشَّهْوَةِ مِثْلُهُ لَكِنَّا نَقُولُ: الزِّنَا أَكْمَلُ فِي سَفْحِ الْمَاءِ وَالشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ هَلَاكَ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا هَالِكٌ حُكْمًا، وَفِيهِ إفْسَادُ الْفِرَاشِ) أَيْ فِرَاشِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ اللِّعَانُ، وَتَثْبُتُ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهِ، وَيَشْتَبِهُ النَّسَبُ

(وَأَمَّا تَضْيِيعُ الْمَاءِ فَقَاصِرٌ) أَيْ مَا قَالَ: مِنْ تَضْيِيعِ الْمَاءِ فِي اللِّوَاطَةِ فَقَاصِرٌ فِي الْحُرْمَةِ (؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِالْعَزْلِ، وَالشَّهْوَةِ فِيهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَيَغْلِبُ وُجُودُهُ) أَيْ وُجُودُ الزِّنَا (وَالتَّرْجِيحُ بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ نَافِعٍ) أَيْ تَرْجِيحُ اللِّوَاطَةِ عَلَى الزِّنَا بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ نَافِعٍ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ (لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ بِدُونِ هَذِهِ الْمَعَانِي) أَيْ الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ بِالزِّنَا، وَهِيَ إهْلَاكُ الْبَشَرِ، وَإِفْسَادُ الْفِرَاشِ، وَاشْتِبَاهُ النَّسَبِ (لَا تُوجِبُ الْحَدَّ كَالْبَوْلِ مَثَلًا، وَكَوُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالْمُثْقِلِ عِنْدَهُمَا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُقَامُ إلَّا بِالسَّيْفِ الثَّانِي أَنْ لَا قَوَدَ إلَّا بِسَبَبِ الْقَتْلِ) بِالسَّيْفِ (فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ مُوجِبًا) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي يُفْهَمُ (لِلْجَزَاءِ الْكَامِلِ عَنْ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ النَّفْسِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَزَاءِ، وَالِانْتِهَاكُ

ــ

[التلويح]

بِسَفْحِ الْمَاءِ فِي مَحَلٍّ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى بَلْ هُوَ مَعَ هَلَاكِ الْبَشَرِ، وَإِفْسَادِ الْفِرَاشِ، وَاشْتِبَاهِ النَّسَبِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا هَالِكٌ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ تَرْبِيَتُهُ عَلَى الزَّانِي لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ، وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ لِعَجْزِهَا عَنْ الْكَسْبِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَيَهْلِكُ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الزِّنَا بِالْإِكْرَاهِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ كَمَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ بِهِ فَإِنْ قِيلَ: الْحَدُّ وَاجِبٌ بِزِنَا الْخَصِيِّ، وَالزِّنَا بِالْعَجُوزِ، وَالْعَقِيمِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ هَلَاكُ الْبَشَرِ وَإِفْسَادُ الْفِرَاشِ؟ قُلْنَا الْمُرَادُ تَحَقُّقُ ذَلِكَ فِي جِنْسِ الزِّنَا.

(قَوْلُهُ، وَالشَّهْوَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الزِّنَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِمَيَلَانِ طَبْعِهِمَا إلَيْهِ بِخِلَافِ اللِّوَاطَةِ فَإِنَّ الشَّهْوَةَ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْفَاعِلِ فَقَطْ، وَالْمَفْعُولُ يَمْتَنِعُ عَنْهَا بِطَبْعِهِ عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ الْجِبِلَّةِ السَّلِيمَةِ فَيَكُونُ الزِّنَا أَغْلَبُ وُجُودًا، وَأَسْرَعُ حُصُولًا فَيَكُونُ إلَى الزَّاجِرِ أَحْوَجَ، وَهَذَا بَيَانُ كَوْنِ الزِّنَا أَكْمَلُ فِي الشَّهْوَةِ مِنْ اللِّوَاطَةِ، وَأَيْضًا مَحَلُّ اللِّوَاطَةِ وَإِنْ شَارَكَ مَحَلَّ الزِّنَا فِي اللِّينِ، وَالْحَرَارَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ مَا يُوجِبُ النَّفْرَةَ، وَهُوَ اسْتِقْذَارُهُ فَتَكُونُ شَهْوَةُ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ فِيهَا أَقَلَّ.

(قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ نَافِعٍ) ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ اللِّوَاطَةَ فَوْقَ الزِّنَا فِي الْحُرْمَةِ وَسَفْحِ الْمَاءِ، وَمِثْلُهُ فِي الشَّهْوَةِ فَرَدَّهُ بِبَيَانِ زِيَادَةِ الزِّنَا فِي الشَّهْوَةِ وَسَفْحِ الْمَاءِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ بَيَانُ زِيَادَتِهِ فِي الْحُرْمَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ حُرْمَةَ اللِّوَاطَةِ مِمَّا لَا تَزُولُ أَبَدًا. فَأَجَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>