للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصْدَرٌ لَكِنَّ الْإِبَاحَةَ فِي الطَّعَامِ، وَهِيَ أَنْ يَأْكُلُوا عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ يَتِمُّ بِهَا الْمَقْصُودُ (دُونَ إعَارَةِ الثَّوْبِ) ، وَهِيَ أَنْ يَلْبَسُوا عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهَا الْمَقْصُودُ فَإِنَّ لِلْمُبِيحِ وِلَايَةَ الِاسْتِرْدَادِ فِي إعَارَةِ الثَّوْبِ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّدُّ فِي الطَّعَامِ بَعْدَ الْأَكْلِ (وَأَمَّا دَلَالَةُ النَّصِّ، وَتُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَذَى) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّأْفِيفَ حَرَامٌ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ الْأَذَى

(مَوْجُودٌ فِي الضَّرْبِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ كَالْكَفَّارَةِ وَبِالْوَقَاعِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ (نَصًّا، وَعَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ (دَلَالَةً) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ هُوَ الْجِنَايَةُ عَلَى الصَّوْمِ، وَهِيَ

ــ

[التلويح]

{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] قَالُوا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ النِّيَّةِ بِالنَّهَارِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي فَإِذَا اُبْتُدِئَ الصَّوْمُ بَعْدَ تَبَيُّنِ الْفَجْرِ حَصَلَتْ النِّيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِالْعِبَادَةِ، وَكَانَ مُوجَبُ ذَلِكَ وُجُوبَ النِّيَّةِ بِالنَّهَارِ إلَّا أَنَّهُ جَازَ بِاللَّيْلِ إجْمَاعًا عَمَلًا بِالسُّنَّةِ، وَصَارَ أَفْضَلَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ وَالْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ: إنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْخَبَّازَ السَّمَرْقَنْدِيَّ هُوَ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصِّيَامِ بَعْدَ الِانْفِجَارِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلرُّكْنِ لَا لِلشَّرْطِ؟ (وَ) أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُوجَدَ الْإِمْسَاكُ الَّذِي هُوَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ عَقِيبَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ مُتَّصِلًا لِيَصِيرَ الْمَأْمُورُ مُمْتَثِلًا، وَلَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ صَوْمًا شَرْعِيًّا بِدُونِ النِّيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ النَّهَارِ حَقِيقَةً بِأَنْ تَتَّصِلَ بِهِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَحْصُلَ فِي اللَّيْلِ، وَتُجْعَلَ بَاقِيَةً إلَى الْآنَ.

(قَوْلُهُ، وَتُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ) ، أَيْ مَعْنَاهُ يُقَالُ: فَهِمْت ذَلِكَ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِ، أَيْ مِمَّا تَنَسَّمْت مِنْ مُرَادِهِ بِمَا تَكَلَّمَ، وَقَدْ تُسَمَّى لَحْنَ الْخِطَابِ، وَمَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ مُوَافِقٌ لِمَدْلُولِهِ فِي حُكْمِ الْمَنْطُوقِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَيُقَابِلُهُ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ.

(قَوْلُهُ وَكَالْكَفَّارَةِ) نَبَّهَ بِالْمِثَالَيْنِ عَلَى أَنَّ الثَّابِتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ قَدْ يَكُونُ ضَرُورِيًّا كَحُرْمَةِ الضَّرْبِ مِنْ حُرْمَةِ التَّأْفِيفِ، وَقَدْ يَكُونُ نَظَرِيًّا كَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوِقَاعِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ عُلُوِّ طَبَقَتِهِ فِي اللُّغَةِ لَمْ يَفْهَمْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لِأَجْلِ الْجِنَايَةِ عَلَى الصَّوْمِ بَلْ فَهِمَ أَنَّهَا لِأَجْلِ إفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ التَّامِّ، وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلْهَا وَاجِبَةً عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا يَفْسُدُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجِهَا فَهُوَ لَا يُسَلِّمُ أَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ هِيَ الْجِنَايَةُ الْكَامِلَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُمَا بَلْ الْجِنَايَةُ بِالْوَقَاعِ التَّامِّ، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالرَّجُلِ، وَلِهَذَا سَكَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وُجُوبِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ فَإِنْ قِيلَ: الْبَيَانُ فِي جَانِبِهِ بَيَانٌ فِي جَانِبِهَا لِاتِّحَادِ كَفَّارَتِهِمَا بِخِلَافِ حَدِيثِ الْعَسِيفِ فَإِنَّ الْحَدَّ فِي جَانِبِهِ كَانَ الْجَلْدَ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>