للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنت تراه في سور البقرة وسورة الأعراف يقف وقفات كاشفة عن السنة البيانيّة للقرآن الكريم في نظم قصصه ولا سيّما النظم الترتيبي٠

في قصة "البقرة" وقد سميت السورة بها مما يوحي بأنّها مبينة عن معالم المقصود الأعظم من السورة إبانة محكمة وإن لطفت ودقت نجده ينظر في النظم الترتيبي لها ولا سيما موقعها في سياق السورة، وفي نظمها التركيبي ّ

القصة جاءت في سياق قصة بني إسرائيل وما كان من أمرهم وفي عقب الإشارة إلى اعتدائهم في السبت، وما كان من أمرهم أن يكونوا قردة خاسئين نكالا لما كان منهم وموعظة للمتقين مثل صنيعهم، وكأنَّ فيه تحذيرًا عظيما لهذه الأمة أن تعتدي في اختيار الله - سبحانه وتعالى - لها: يوم الجمعة.

في هذا السياق الكاشف عن حال بني إسرائيل من قساوتهم في حق الله - سبحانه وتعالى - عامة وخاصة جاء البيان عن قساوتهم في مصالح أنفسهم بما كان منهم من قتل النفس بغير حقّ.

يقول البقاعي فيما يقول مبينا اقتضاء المقام إنزال قصة البقرة في سياق السورة حيث أنزلت: ...

" إنَّه لمَّا كان السبت إنّما وجب عليهم، وابتلوا بالتشديد فيه باقتراحهم له وسؤالهم إياه بعد إبائهم للجمعة ... كان أنسب الأشياء تعقبه بقصة البقرة التي ما شدد عليهم في أمرها إلا لتعنتهم فيه، وإبائهم لذبح أيّ بقرة تيسرت

ويجوز أن يقال أنّه لمَّا كان من جملة ما استخفوا به السبت المسارعة إلى إزهاق ما لايحصى من الأرواح الممنوعين منها من الحيتان، وكان في قصّة "البقرة" التعنت والتباطؤ عن إزهاق نفس واحدة أمروا بها تلاه بها " (١)

هذا من "البقاعي" بيان لوجه من وجوه إنزال هذه القصة في هذا المنزل من السياق الترتيليّ للسورة


(١) - نظم الدرر:١/٤٧٣

<<  <   >  >>