للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي إسكان الظاء معنى إباحة أن يكون الإنظار على قدر الإعسار دون فضل، وإلاحة إلى أنه ليس بالعسير تحقيقه على صاحب المال، فهي قراءة ناظرة لحال صاحب المال من وجهين، وجه هو من حقه ووجه فيه نفع له بالتربية والإغراء والتحريض على ألا يستثقل الإنظار فإنَّه خفيف وإنْ طال أمده. فأهل الهمم العالية يلمحون في إسكان الظاء إغراء لهم بالتحمّل وتصويرا لهم أنَّ ذلك غير عسير عليهم بل هو في حقيقته خفيف بما كان من تخفيف صوت وسط الكلمة. (ذلك خير وأحسن تأويلا) (النساء:٥٩)

وأهل الهمة الدانية ينظرون إلى أنَّ في الإسكان إشارة إلى حقهم في ألاَّ يكونَ الإنظار بالغا تمام كمال زوال الإعسار.

كلٌّ يقرأ في وجه الأداء ما يليق به (واتَّبِعُوا أحْسَنَ ما انْزِلَ إليْكُم من رَّبِّكُم) (الزمر:٥٥)

وفي الكلمة قراءة أخرى: قرأ عطاء بن أبي رباح (فناظرُهُ) بالألف: اسم فاعل، والهاء ضمير مضاف إلى اسم الفاعل أيْ فمن أنظر المدين فهو إلى ميسرة.

في هذه القراءة إشارة إلى البشرى بأنَّ من يُنظر المَدين المُعْسر فإنَّ حاله وأمره كلَّه بسبب من لإنظاره له يكون إلى ميسره.

ففي هذا مجاوبة لما جاء به بيان النبوة:

" ... ومن فرَّج عن مُسلمٍ فرَّج الله عَنْه كُرْبَةً مِنْ كُرُباتِ يومِ القِيامةِ " (متفق عليه: البخاري: المظالم،ومسلم البر)

وقراءة رابعة فيها: قرأ عطاء أيضًا (فناظرْه) بإسكان الراء على أنه فعل أمر علىمعنى فياسِرْهُ وسامِحْهُ إلى وقت الإنظار، فهو من المناظرة أي المسامحة والمداناة، وليس من المناظرة بمعنى المحاجة والمجادلة..

<<  <   >  >>