للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنوّع المعانى بتنوع القراءات فيه وفاء بمنازل ومقامات الطاعة فليس أهل الطاعة سواء في منازلهم منها، فمن القراءات ما يصور معنى إحسانيا متساميا على ما صورته قراءة أخرى من المعاني الجمهورية التي هي هدى للناس وللذين آمنوا فكلها كاف شاف كلّ ذي منزل ومقام من مقامات القرب المتصاعدة

وفي الآية وجوه من الأداء في (عسرة) بضم السين وبإسكانها، ومن وراء كل وجه معنى قائم في السياق إلى القصد الذي ترمي إليه الآية الكريمة

استشعر في قراءة ضم السين من (عسُرة) ملاحظة حال من كان عسرُهُ شديدًا فحقُّه لامحالة إنظاره بمقدار عسره، فإن زال كان لصاحب الدين مطالبته.

وفي إسكان السين من (عسْرة) ملاحظة لحال من كان عسره خفيفا فحقه أن ينظر أيضا على قدره ولايحرم من الإنظار ' ولو جاءت الرواية بضم السين وحدها لكان في هذا حرمان من كان عسره يسيرًا من رحمة الإنظار، وفي إنظار ذي العسر اليسير تربية وتدريب على التخلق بالرحمة والإحسان والتفضل.

وفي قوله (نظرة) وجوه من الأداء بعضها ليس من القراءات العشر:

قرأ الجمهور (فنظرة) بكسر (الظاء) فهو خبر محذوف أي فالواجب نظرة

وقرأ الحسن ومجاهد والضحاك (فنظْرة) بسكون (الظاء) وهي من تخفيف (نظرة) وهي على لغة في تميم: يقولون في كلِمة: كلْمة.

وكأنّ في هذه الآية تخفيفا على صاحب المال من وجه وترغيبا له في الإنظار من وجه وإيحاء له أنَّ الإنظارَ إنَّما هو خفيفٌ فلا يحسَِب أنَّ في دعوته إليه إثقالا عليه

قراءة كسر (الظاء) فيها إلاحة إلى أن يكون الإنظار تاما قويا مستوليا على حال المعسر، وأن يتمكَّن صاحب المال من تحقيق هذا الواجب: الإنظار، وهذا فيه تربية على الإحسان والإتقان والتنفيس على ذوي الحاجة والعسر..

<<  <   >  >>