للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرأ نافع (فنظرة إلى ميسرة) بضم السين، وروى "زيد" عن يعقوب (إلى ميسرة) بضم السين وكسر الهاء مشبعة، وقرأ الباقون (إلى ميسرة) بفتح السين" (١)

في الاية وجوه من الأداء، وكل وجه له فيض من المعنى المتناسب مع السياق المديد والقصد الوسيع الذي يجمع الأمة فيمنح كل ذي درجة شيئا من عطائه، يقول البقاعي مقتبسا من "الحرالى":

" لما كان الناس منقسمين إلى موسر ومعسر أي غني وفقير كان كأنَّه قيل هذا حكم الموسر (وإن كان) أي وجد من المَدِنِينَ (ذو عسرة) لايقدر على الأداء في هذا الوقت (فنظرة) أي فعليكم نظرة له

قال "الحرالى": وهو التأخير المرتقب نجازه (إلى ميسرة) إن لم ترضوا إلا بأخذ أموالكم.

وقرأ نافع وحمزة بضم السين. قال "الحرالي" إنباء عن استيلاء اليسر وهو أوسع النظرتين

والباقون بالفتح إنباءٌ عن توسطها ليكون اليسر في مرتبتين، فمن انتظر إلى أوسع اليسرين كان أفضل توبة. انتهى " (٢)

نظر البقاعي تبعا للحرالى إلى دلالة ضم السين من (ميسرة) فاستشعر من صوتها القوى الإشارة إلى تمام يسر المعسر، فتكون دعوة إلى أن يكون إنظاره حتى يكتمل يسره

ونظر إلى دلالة فتح السين منها فاستشعر من صوتها الإشارة إلى توسط اليسر من أن الفتحة أضعف من الضمة، ففي أحوال صوت حركة الكلمة إشارة إلى أحوال المعنى نفسه وعلاقته بمن له البيان

أي الإنظارين للمعسر طاعة إلا أنَّ أدناهما حق لازم على كلّ مسلم وأعلاهما فضل يقوم له وبه أهل الإحسان، ومن كان إلى الأعلى المشار إليه بالضم كان افضل توبة مما كان منه من إقراضه بنفع هو عين الربا المقيت الممحوق.

فقراءة الفتح لأهل أول أسنان الإيمان (الذين آمنوا) ، وقراءة الضَّمّ لمن علاهم في أسنان الإيمان: المؤمنون....المحسنون


(١) - المبسوط في القراءات العشر:١٣٧، والنشر:٢/١٣٦
(٢) - نظم الدرر: ٤ /١٤٠- ١٤١..

<<  <   >  >>