وقال في سورة الملك:"أجمع القراء على القراءة هنا بالغيبة؛ لأنَّ السياق للرد على المكذبين بخلاف ما في النحل "(١)
لو نظرنا سياق آية النحل رأينا أنها جاءت في معرض تعدد النعم تدليلا وامتنانا، والامتنان على الأقل إنما هو للمقبل والمعرض، والآيات (٧٠-٧٢، ٧٨ ,٨٠-٨١) مؤكدة هذا
من قرأ بالخطاب لاحظ جانب المُقْبِلِ؛ لأنَّ النعم في الحقيقة إنما خلقت له (الأعراف:٣٢) فهو مقدم لذلك، فليكن أداء الآية ملاحظا ذلك في بعض الوجوه
ومن قرأ بالغيبة لاحظ جانب التدليل الذي هو أساسا للمعرض كيما يقتنع من هذه الجهة فلاحظته قراءة الغيبة.
سياق آية النحل كما ترى محتمل الوجهين معا المقبل والمعرض فكانت الروايتان.
وسياق (المُلك) للعرض وحده وللرد على المكذبين (الآيات:١٥وما بعدها) فهو سياق لايحتمل توجيه الخطاب في هذه الآية، ولأنها أيضا لم تأت لتهديد المعرضين كسابقتها ولاحقتها بل لبيان أن من يخسف بالجبارين بسلطان القهر يملك القدرة على أن يمسك الطير الضعيف بفيض رحمته فلا يقع
ومن ثَمَّ كان التعبير في آية الملك بقوله (إلا الرحمن) بينما في آية النحل (ما يمسكهن إلا الله) .
****
وننظر في آية أخرى اقتبس البقاعي فيها تأويل صورة الأداء من الحرالّىّ ولكنَّه لم يضف إليه شيئا وكان بملكه أن يفعل، مما يبن لنا وجها من منهجه في هذا
قال - عز وجل -: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:٢٨٠)
في قوله (عسرة) قراءتان (بضم السين وبإسكانها) ، وفي (ميسره) قراءة بضم السين وقراءة بفتحها وقراءة بضم السين وكسر الهاء المشبعة ٠
يقول " ابن مهران": " قرا أبو جعفر وحده (وإن كان ذو عسرة) بضم السين، وقرأ الباقون (عسْرة) ساكنة السين