للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" لأن طول البقرة يقتضي الاطناب وزيادة الحرف من ذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى (ومن يشاقق الله ورسوله) في الأنفال (ي:١٣) كيف أجمع على فك إدغامه، وقوله (ومن يشاقق الله) في (الحشر:٤) كيف أجمع على إدغامه، وذلك لتقارب المقامين من الإطناب والإيجار) (١)

ما قال "ابن الجزري" لو استقام للزم أن يكون كلّ شيء في البقرة على منهاج البسط، وألا يكون فيها إيجاز بحذف كلمة أو إيجاز قصر فكيف يعلل "ابن الجزريّ" نهجًا بيانيّا بنهج بياني هو مفتقر إلى التعليل مثله، طول البيان ليس مقتضيًا يوجه به وجه بياني فالمقتضِي يكون من ذات المعانى والمقاصد التي تساق السورة إليها، والأحوال التي تكتنف التنزيل.

*****

ومما أجمعت الرواية على أدائه في سورة على وجه واختلفت في أدائه في سورة أخرى الفعل (يرى) في قوله - عز وجل -:

{أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:٧٩)

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (الملك:١٩)

اختلفوا في قراءة (يروا) في (النحل) بالغيبة والخطاب واتفقوا على الغيبة في الملك:

" قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبوعمرو وعاصم والكسائي (ألم يروا ... ) بالياء

وقرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب وخلف (ألم تروا) بالتاء)) (٢)

يذهب البقاعي في آية النحل إلى " أنّ الكلام وسياقه يحتمل المقبل والمعرض بخلاف سياق الملك فإنه للمعرض، فلذا اختلف القراء هنا وأجمعوا هناك " (٣)


(١) - النشر في القراءات العشر:٢ /٢٥٥
(٢) - السابق:٢/٣٠٤، والمبسوط:٢٢٥
(٣) - نظم الدرر ج ١١ / ٢٢٢..

<<  <   >  >>